للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: البصرة، فرحّب به، وأمره بالجلوس، فجلس مع الغلمان في صفّة، وأتي بطعامٍ فأكل وسقي أقداحاً، ودار الغناء في المجلس، حتى انتهى إلى آخرهم، فلمّا سكتوا اندفع يغني بصوتٍ نديٍّ وطبع حسنٍ:

ألا يا دار ما الهجر ... لسكّانك من شاني

سقيت الغيث من دارٍ ... وإن هيجت أشجاني

ولو شئت لما استسقي ... ت غيثاً غير أجفاني

بنفسي حلّ أهلوك ... وإن بانوا بسلواني

وما الدّهر بمأمونٍ ... على تشتيت خلاّني فطرب عبد الوهاب وصاح، وتبين الحذق في إشارته، والطيب في طبعه، وقال: يا غلام، خذ بيده إلى الحمّام، وعجّل عليّ به فأدخل الحمّام، ونظف، ثم دعا عبد الوهاب بخلعة من ثيابه فألقيت عليه، ورفعه فأجلسه عن يساره، وأقبل عليه وبسطه، فغنى له:

قومي امزجي التبر باللّجين ... واحتملي الرطل باليدين

واغتنمي غفلة اللّيالي ... فربّما أيقظت لحين

فقد لعمري أقرّ منّا ... هلال شوّال كلّ عين

ذات الخلاخيل أبصرته ... كنصف خلخالها اللّجيني فطرب وشرب، واستزاده، فغنّاه:

من لي على رغم الحسود بقهوةٍ ... بكرٍ ربيبة حانةٍ عذراء

موجٌ من الذهب المذاب تضمّه ... كأسٌ كقشر الدّرّة البيضاء

والنجم في أفق السماء كأنّه ... عينٌ تخالس غفلة الرّقباء فشرب عبد الوهاب ثمّ قال: زدني، فغناه:

<<  <  ج: ص:  >  >>