للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشعاره، فإنه رحمه الله تعالى جم الأدب رائقه، عالي النظم فائقه، كان يسمى بمحمد، ويكنى بأبي القاسم، على كنية جده القاضي، استبد بالأمر عند موت أبيه المعتضد، وفي ذلك يقول الحصري رحمه الله تعالى:

مات عباد ولكن بقي الفرع الكريم

قكأن الميت حي غير أن الضاد ميم

قال ابن اللبانة رحمه الله تعالى: ولم يزل المعتمد بخير إلى أن كانت سنة خمس وسبعين وأرعمائة، ووصل اليهودي ابن شاليب لقبض الجزية المعلومة مع قوم من رؤساء النصارى، وحلوا بباب من أبواب إشبيلية، فوجه لهم المعتمد المال، مع جماعة من وجوه دولته، فقال اليهودي: والله لا أخذت هذا العيار، ولا آخذه منه إلا مشجراً، وبعد هذا العام لا آخذ منه إلا أجفان البلاد، ردوه إليه، فرد المال إلى المعتمد، وأعلم بالقصة، فدعا بالجند، وقال: ائتوني باليهودي وأصحابه، واقطعوا حبال الخباء، ففعلوا وجاؤوا بهم، فقال: اسجنوا النصارى، واصلبوا اليهودي الملعون، فقال اليهودي: لا تفعل، وأنا أفتدي منك بزنتي مالاً، فقال: والله لو أعطيتني العدوة والأندلس ما قبلتهما منك، فصلب، فبلغ الخبر النصراني، فكتب فيهم، فوجه إليه بهم، فأقسم النصراني أن يأتي من الجنود بعدد سعر رأسه حتى يصل إلى بحر الزقاق، وأمير المسلمين يوسف بن تاشفين إذ ذاك محاصر سبتة، فجاز المعتمد إليه، ووعده بنصرته، فرجع وحث ملوك الأندلس على الجهاد، ثم وصل ابن تاشفين، فكانت غزوة الزلاقة المشهورة، ورجع ابن تاشفين إلى المغرب، ثم جاز بعد ذلك إلى الأندلس، وتوهم ابن عباد أنه إذا أخذ البلاد يأخذ أموالها ويترك الأجفان، فعزم ابن تاشفين على أن يخلع ملوك الأندلس، ودارت إذ ذاك مكايد جمة، ثم وجه ابن تاشفين من سبتة إلى المعتمد يطلب منه الجزيرة الخضراء وفيها ابنه يزيد، فكتب إليه معتذراً عنها، فلم يكن إلا كلمح بالبصر وإذا بمائة شراع قد أطلت على الجزيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>