المعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد أبي عمرو عباد ابن القاضي أبي القاسم ابن عباد رحمه الله تعالى، ملك مجيد، وأديب على الحقيقة مجيد، وهمام تحلى به للملك وللنظم جيد، أفنى الطغاة بسيفه وأباد، وأنسى بسيبه ذكر الحارث بن عباد، فأطلع أيامه في الزمان حجولاً وغروراً، ونظم معاليه في أجيادها جواهر ودرراً، وشيد في كل معلوة فناءه، وعمر بكل نادرة مستغربة وبادرة مستظرفة أوقاته وآناءه، فنفقت به للمحامد سوق، وبسقت ثمرات إحسانه أي بسوق، منع وقرى، وراش وبرى، ووصل وفرى، وكان له من أبنائه عدة أقمار نظمهم نظم السلك، وزين بهم سماء ذلك الملك، فكانوا معاقل بلاده، وحماة طارفه وتلاده، إلى أن استدار الزمان كهيئته، وأخذ البؤس في فيئته، واعتز الخلاف وظهر، وسل الشتات سيفه وشهر، والمعتمد رحمه الله تعالى يطلب نفسه أثناء ذلك بالثبات، بين تلك الثبات، والمقام، في ذلك المقام، إلى أن بدل القطب بالواقع، واتسع الخرق على الراقع، فاستعضد بابن تاشفين فورد عليه خطابه يشعر بالوفاء، فثاب إليه فكر خاطره وفاء، وثبت خلال تلك المدة للنزال، ودعا من رام حربه نزال، إلى أن أصبح والحروب قد نهبته، والأيام تسترجع منه ما وهبته، فثل ذلك العرش، واعتدت الليالي حين أمنت من الأرش، فنقل من صهوات الخيول إلى بطون الأجفان، وهذه الدنيا جميع ما لديها زائل وكل من عليها فان، فما أغنت تلك المملكة وما دفعت، وليتها ما ضرت إذ لم تكن نفعت، وكل يلقى معجله ومؤجله، ويبلغ الكتاب أجله.
وقال الفقيه القاضي أبو بكر ابن خميس رحمه الله تعالى حين ذكر تاريخ بني عباد: وقد ذكر الناس للمعتمد من أوصافه، ما لا يبلغ مع كثرته إلى إنصافه، وأنا الآن أذكر نبذاً من أخباره، وأردفها بما وقفت عليه من منظومات