فقربه وأدناه، وصفح عما كان جناه، ولم تزل الحال آخذة في البوار، والأمور معتلة اعتلال حب الفرزدق للنوار، حتى مضوا لغير طية، وقضوا بين الصوارم والرماح الخطية، حسبما سردناه، وإذا أراد الله سبحانه إنفاذ أمر سبق في علمه، فلا مرد له ولا معقب لحكمه، ولا إله إلا هو رب العالمين؛ انتهى كلام الفتح.
وعلى الجملة فكانت دولة بني عباد بالأندلس من أبهج الدول في الكرم والفضل والأدب، حتى قال ابن لبانة رحمه الله تعالى: إن الدولة العبادية بالأندلس أشبه شيء بالدولة العباسية ببغداد، سعة مكارم، وجمع فضائل، ولذلك ألف فيها كتاباً مستقلاً سماه " الاعتماد في أخبار بني عباد " ولا يلتفت لكلب عقور نبح بقوله:
مما يزهدني في أرض أندلس أسماء معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد
لأن هذه مقالة متعسف كافر للنعم، ومثل ذلك في حقهم لا يقدح، وما زالت الأشراف تهجى وتمدح.