إلى المعتمد جارية مغنية قد نشأت بالعدوة، وأهل العدوة بالطبع يكرهون أهل الأندلس، وجاء بها إلى إشبيلية وقد كثر الإرجاف بأن سلطان الملثمين ينتزع بلاد ملوك الطوائف منهم، واشتغل خاطر ابن عباد بالفكر في ذلك، فخرج بها إلى قصر الزاهر على نهر إشبيلية، وقعد على الراح، فخطر بفكرها أن غنت عندما انتشى هذه الأبيات:
حملوا قلوب الأسد بين ضلوعهم ولووا عمائمهم على الأقمار
وتقلدوا يوم الوغى هندية أمضى إذا انتضيت من الأقدار
إن خوفوك لقيت كل كريهة أو أمنوك حللت دار قرار
فوقعفي قلبه أنها عرضت بساداتها، فلم يملك غضبه، ورمى بها في النهر، فهلكت، انتهى، فقدر الله تعالى أن كان تمزيق ملكه على يدهم تصديقاً للجارية في قولها:
إن خوفوك لقيت كل كريهة
وحصره جيوش لمتونة الملثمين حتى أخذوه قهراً، وسيق إلى أمير المسلمين، والقصة مشهورة.
وقال الفتح في شأن حصار المعتمد ما صورته (١) : ولما تم في الملك أمده، وأراد الله أن تخر عمده، وتنقرض أيامه، وتتقوض عن عراص الملك خيامه، نازلته جيوش أمير المسلمين ومحلاته، وظاهرته فساطيطه ومظلاته، بعدما نثرت حصونه وقلاعه، وسعرت بالنكاية جوانحه وأضلاعه، وأخذت عليه الفروج والمضايق، وثنت إليه الموانع والعوايق، وطرقته بطوارقها بالإضرار، وأمطرته من النكاية كل ديمة مدرار، وهو ساه بروض ونسيم، لاه براح