للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتحير الراءون في نعتيهما أصفاه ماء أم صفاء دراري

وقال الفتح أيضاً (١) : وأخبرني ذخر الدولة أنه استدعاه في ليلة قد ألبسها البدر رواءه، وأوقد فيها أضواءه، وهو على البحيرة الكبرى، والنجوم قد انعكست فيها تخالها زهرا، وقابلتها المجرة فسالت فيها نهرا، وقد أرجت نوافج الند، وماست معاطف الرند، وحسد النسيم الروض فوشى بأسراره، وأفشى حديث آسه وعراره، ومشى مختالاً بين لبات النور وأزراره، وهو وجم، ودمعه منسجم، وزفراته تترجم عن غرامه، وتجمجم عن تعذر مرامه، فلما نظر إليه استدناه وقربه، وشكا إليه من الهجران ما استغربه، وأنشده:

أيا نفس لا تجزعي واصبري وإلا فإن الهوى متلف

حبيب جفاك، وقلب عصاك ولاح لحاك، ولا منصف

شجون منعن الجفون الكرى وعوضنها أدمعاً تنزف

فانصرف ولم يعلمه بقصته، ولا كشف له عن غصته، انتهى.

وقال الفتح أيضاً (٢) : أخبرني ذخر الدولة بن المعتضد أنه دخل عليه في ليلة فد ثنى السرور منامها، وامتطى الحبور غاربها وسنامها، وراع الأنس فؤادها، وستر بياض الأماني سوادها، وغازل نسيم الروض زوارها وعوادها، ونور السرج قد قلص أذيالها، ومحا من لجين الأرض نيالها، والمجلس مكتس بالمعالي، وصوت المثاني والمثالث عالي، والبدر قد كمل، والتحف بضوئه القصر واشتمل، وتزين بسناه وتجمل، فقال المعتمد:

ولقد شربت الراح يسطع نورها والليل قد مد الظلام رداء


(١) القلائد: ٨.
(٢) القلائد: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>