للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكبير، فشربه كالشمس غربت في ثبير، وعندما تناولها، قام المصري أبياتاً تمثلها (١) :

اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً بشاذمهر ودع غمدان لليمن

فأنت أولى بتاج الملك تلبسه من هوذة بن علي وابن ذي يزن

فطرب حتى زحف عن مجلسه، وأسرف في تأنسه، وأمر فخلعت عليه خلع لا تصلح إلا للخلفاء، وأدناه حتى أجلسه مجلس الأكفاء، وأمر له بدنانير عدداً، وملأ بالمواهب يداً.

وله في غلام (٢) رآه يوم العروبة من ثنيات الوغى طالعاً، ولطلى الأبطال قارعاً، وفي الدماء والغاً، ولمستبشع كؤوس المنايا سائغاً، وهو ظبي قد فارق كناسه، وعاد أسداً صارت القنا أخياسه، ومتكاثف العجاج قد مزقه إشراقه، وقلوب الدارعين قد شكتها أحداقه، فقال:

أبصرت طرفك بين مشتجر القنا فبدا لطرفي أنه فلك

أوليس وجهك فوقه قمراً يجلى بنير نوره الحلك

وقال فيه:

ولما اقتحمت الوغى دارعاً وقنعت وجهك بالمغفر

حسبنا محياك شمس الضحى عليها سحاب من العنبر

وقد جمع بنا القلم في ترجمة المعتمد بن عباد بعض جموح، وما ذلك إلا لما علمنا أن نفوس الأدباء إلى أخباره رحمه الله تعالى شديدة الطموح، وقد جعل الله تعالى له كما ابن الأبار في " الحلة السيراء " رقة في القلوب وخصوصاً


(١) نسب المبرد البيتين لشاعر من أهل الري يكنى ابا يزيد أنشدهما عبد الله بن طاهر الكامل (٢: ٢٤) .
(٢) القلائد: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>