للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورقة، ولا يكاد تخفى خيانته، فإن المحتسب يدسّ عليه صبيّاً أو جارية يبتاع أحدهما منه، ثم يختبر الوزن المحتسب، فإن وجد نقصاً قاس على ذلك حاله مع الناس، فلا تسأل عمّا يلقى، وإن كثر ذلك منه ولم يتب بعد الضرب والتجريس (١) في الأسواق نفي من البلد. ولهم في أوضاع الاحتساب قوانين يتداولونها (٢) ويتدارسونها كما تتدارس أحكام الفقه، لأنها عندهم تدخل في جميع المبتاعات وتتفرع إلى ما يطول ذكره.

[٧ - خطة الطواف بالليل]

وأمّا خطة الطواف باللّيل وما يقابل من المغرب أصحاب أرباع في المشرق فإنهم يعرفون في الأندلس بالدرّابين، لأن بلاد الأندلس لها دروب بأغلاق تغلق بعد العتمة، ولكل زقاق بائت فيه، له سراجٌ معلّق وكلب يسهر وسلاح معدّ، وذلك لشطارة عامّتها وكثرة شرّهم، وإغيائهم (٣) في أمور التلصص، إلى أن يظهروا على المباني المشيدة، ويفتحوا الأغلاق الصعبة، ويقتلوا صاحب الدار خوف أن يقرّ عليهم أو يطالبهم بعد ذلك، ولا تكاد في الأندلس تخلو من سماع دار فلان دخلت البارحة وفلان ذبحه اللصوص على فراشه وهذا يرجع التكثير منه والتقليل إلى شدّة الوالي ولينه، ومع إفراطه في الشدّة وكون سيفه يقطر دماً فإن ذلك يعدم، وقد آل الحال عندهم إلى أن قتلوا على عنقودٍ سرقه شخص من كرم وما أشبه ذلك، فلم ينته اللصوص.

[الأندلسيون والتشريع]

وأمّا قواعد أهل الأندلس في ديانتهم فإنّها تختلف بحسب الأوقات والنظر


(١) التجريس: الفضح والتشهير.
(٢) يتداولونها: سقطت من ق ط ج.
(٣) ك: وإعيائهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>