للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السلاطين، ولكن الأغلب عندهم إقامة الحدود، وإنكار التهاون بتعطيلها، وقيام العامة في ذلك وإنكاره إن تهاون فيه أصحاب السلطان، وقد يلج السلطان في شيء من ذلك ولا ينكره، فيدخلون عليه قصره المشيد ولا يعبأون بخيله ورجله حتى يخرجوه من بلدهم، وذا كثير في أخبارهم. وأمّا الرجم بالحجر للقضاة والولاة للأعمال إذا لم يعدلوا فكلّ يوم.

[الأندلسيون والتصوف]

وأمّا طريقة الفقراء على مذهب أهل الشرق والدّروزة (١) التي تكسل عن الكد وتحوج (٢) الوجوه للطلب في الأسواق فمستقبحة عندهم إلى نهاية (٣) ، وإذا رأوا شخصاً صحيحاً قادراّ على الخدمة يطلب سبّوه وأهانوه، فضلاً عن أن يتصدقوا عليه، فلا تجد بالأندلس سائلاً إلا أن يكون صاحب عذر.

[الأندلسيون والعلوم والآداب]

وأمّا حال أهل الأندلس في فنون (٤) العلوم فتحقيق الإنصاف في شأنهم في هذا الباب أنهم أحرص الناس على التميز، فالجاهل الذي لم يوفقه الله للعلم يجهد أن يتميز بصنعة، ويربأ بنفسه أن يرى فارغاً عالةً على الناس، لأن هذا عندهم في نهاية القبح، والعالم عندهم معظّم من الخاصة والعامة، يشار إليه ويحال عليه، وينبه قدره وذكره عند الناس، ويكرم في جوار أو ابتياع حاجة، وما أشبه ذلك. ومع هذا فليس لأهل الأندلس مدارس تعينهم على طلب العلم بل يقرءون جميع العلوم في المساجد بأجرة، فهم يقرءون لأن يعلموا لا لأن يأخذوا جارياً،


(١) ك: الدورة؛ والدروزة من الفارسية " درويزه " أي الكدية والشحذ.
(٢) ك: وتخرج.
(٣) ك: النهاية.
(٤) ق: العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>