عاصمات الذرا، ومائها ينبع من أعلاها، وفيها من الأقوات والذخائر المختلفات ما لا تفنيه الأزمان - فحاصرها فلم يقدر عليها ورحل عنها، وجند أجناداً على هيئة الفرنج وزيهم، وأمرهم أن يقصدوها ويغيروا عليها، وكمن هو وأصحابه بقرب منها، فلما رآهم أهل القلعة استضعفوهم، فنزلوا إليهم، ومعهم صاحب القلعة، فخرج عليه سير المذكور، وقبضه باليد، وتسلم الحصن.
ثم نازل بني ضاهر بشرق الأندلس، فأسلموا له البلاد، ولحقوا ببر العدوة.
ثم نازل بني صمادح بالمرية، ولها قلعة حصينة، فحاصرهم وضيق بهم، ولما علم ابن صمادح الغلب أسف ومات غبناً، فأخذ القلعة واستولى على المرية وجميع أعمالها.
ثم قصد بطليوس، وكان بها المتوكل عمر بن محمد بن الأفطس المتقدم ذكره، فحاصره وأخذه واستولى على جميع أعماله وماله، ولم يبق له إلا المعتمد بن عباد، فكتب للسلطان يوسف يعرفه بما فعل، ويسأله مرسومه في ابن عباد، فكتب إليه يأمره انه يعرض عليه النقلة لبر العدوة بجميع الأهل والعشيرة، فإن رضي، وإلا فحاصره وخذه وأرسل به كسائر أصحابه، فواجهه وعرفه بما رسم به السلطان يوسف، وسأله الجواب، فلم يجب بنفي ولا إثبات، ثم إنه نازل إشبيلية وحاصره بها وألح عليه فأقام الحصار شهراً، ودخل البلد قهراً، واستخرجه من قصره، فحمل وجميع أهله وولده إلى العدوة فأنزل بأغمات، وأقام بها إلى أن مات، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
وأما ابن الأثير ففي كلامه تقديم وتأخير وبعض خلاف لما مر.
وأخبار المعتمد بن عباد، وما رآه من الملك والعز على كل حاضر وباد، وما قاساه في الأسر من الضيق والعسر وسوء العيش أمر عجيب، يتعظ به العاقل الأريب، وأما ما مدحته به الشعراء وأجوبته لهم في حالي يسره وعسرهن وملكه وأسره، وطيه ونشره، وتجهمه وبشره، فهو كثير، وفي كتب التواريخ منه نظم ونثير، وقد قدمنا منه في هذا الكتاب ما يبعث الاعتبار ويثير، وخصوصاً في الباب السابع من هذا التأليف الذي هو عند المنصف أثير، وفي المعتمد وأبيه