وعزم على إرسال حظاياه من قرطبة إلى إشبيلية فخرج معهن يشيعهن فسايرهن من أول الليل إلى الصبح، فودعهن ورجع، وأنشد أبيتاً منها:
سليرتهم والليل عقد ثوبه حتى تبدى للنواظر معلما
وفقفت ثم مودعاً وتسلمت مني يد الإصباح تلك الأنجما
وهذا المعنى في نهاية الحسن، ثم ذكر من كلامه جملة.
عود وانعطاف:
ولما جاء أمير المسلمين يوسف بن تاشفين إلى ناحية غرناطة (١) - بعدما حصر بعض حصون الفرنج، فلم يقدر عليه - خرج غلى لقائه صاحب غرناطة عبد الله بن بلكين، فسلم عليه، ثم عاد إلى بلده ليخرج له التقادم، فغدر به ودخل البلد، وأخرج عبد الله، ودخل قصره فوجد فيه من الذخائر والأموال ما لا يحد ولا يحصى، ثم رجع إلى مراكش وقد أعجبه حسن بلاد الأندلس وبهجتها، وما بها من المباني والبساتين والمطاعم وسائر الأصناف التي لا توجد في بلاد العدوة، إذ هي بلاد بربر وأجلاف عربان، فجعل خواص يوسف يعظمون عنده بلاد الأندلس ويحسنون له أخذها، ويوغرون قلبه على المعتمد بأشياء نقلوها عنه، فتغير على المعتمد وقصد مشارفة الأندلس.
وحكى ابن خلدون أن علماء الأندلس أفتوا ابن تاشفين بجواز خلع المعتمد وغيره من ملوك الطوائف، وبقتاله إن امتنعوا، فجهز يوسف العساكر إلى الأندلس، وحاصر سير بن أبي بكر أحد عظماء دولة يوسف إشبيلية وبها المعتمد، فكان من دفاعه وشدة ثباته ما هو معلوم، ثم أخذ أسيراً، وصار طرف الملك بعه حسيراً.