وكان للمعتمد ندماء قد انهمكوا معه في اللذات، فقال أحدهم لهذا الرجل الناصح: ما كان المعتمد على الله - وهو إمام أهل المكرمات - ممن يعامل بالحيف، ويغدر بالضيف، فقال الرجل: إنما الغدر أخذ الحق من يد صاحبه، لا دفع الرجل عن نفسه المحذور إذا ضاق به، فقال ذلك النديم: ضيم مع وفاء، خير من حزم مع جفاء. ثم إن ذلك الناصح استدرك الأمر وتلافاه، فشكر له المعتمد، ووصله بصلة. واتصل هذا الخبر بيوسف فأصبح غادياً، فقدم له المعتمد الهدايا السنية والتحف الفاخرة، فقبلها ثم رحل.
انتهى خبر وقعة الزلاقة وما يتبعه ملخصاً من كتب التاريخ.
ولما انقرض بالأندلس ملك ملوك الطوائف بني عباد وبنيهم ذي النون وبني الأفطس وبني صمادح وغيرهم انتضمت في سلك اللمتونيين، وكانت لهم فيها وقعات بالأعداء مشهورة في كتب التواريخ.
دخول الأندلس في طاعة الموحدين
ولما مات يوسف بن تاشفين سنة خمسمائة قام بالملك بعده ابنه أمير المسلمين علي بن يوسف، وسلك سنن أبيه، وإن قصر عنه في بعض الأمور، ودفع العدو عن الأندلس مدة، إلى أن قيد الله تعالى للثورة عليه محمد بن تومرت الملقب بالمهدي الذي أسس دولة الموحدين، فلم يزل يسعى في هدم بنيان لمتونة إلى أن مات ولم يملك حضرة سلطنتهم مراكش، ولكنه ملك كثيرالً من البلاد، فاستخلف عبد المؤمن بن علي، فكان من استيلاءه على مملكة اللمتونيين ما هو معروف، ثم جاز إلى الأندلس وملك كثيراً منها، ثم أخرج الإفرنج من مهدية إفريقية، وملك بلاد إفريقية وضخم ملكه، وتسمى بأمير المسلمين.