ولما كانت سنة ٥٤٥ سار الأذفونش صاحب طليطلة وبلاد الجلالقة إلى قرطبة ومعه أربعون ألف فارس فحاصرها، وكان أهلها في غلاء شديد، فبلغ الخبر عبد المؤمن، فجهزإليهم جيشاً يحتوي على اثني عشر ألف فارس، فلما أشرفوا على الأذفونش رحل عنها، وكان فيها القائد أبو الغمر السائب، فسلمها إلى صاحب جيش عبد المؤمن يحيى بن ميمون فبات فيها، فلما أصبح رأى الفرنج عادوا إلى مكانهم، ونزلوا في المكان الذي كانوا فيه، فلما عاين ذلك رتب هنالك ناساً، وعاد إلى عبد المؤمن، ثم رحل الفرنج إلى ديارهم.
وفي السنة بعدها دخل جيش عبد المؤمن إلى الأندلس في عشرين ألفاً عليهم الهنتاتي، فصار إليه صاحب غرناطة ميمون وابن همشك وغيرهما، فدخلوا تحت طاعة الموحدين، وحرصوا على قصد ابن مردنيش ملك شرق الأندلس، وبلغ ذلك ابن مردنيش، فخاف وأرسل إلى صاحب برشلونة من الإفرنج يستنجده، فتجهز إليه في عشرة آلاف من الإفرنج عليهم فارس، وسار صاحب جيش عبد المؤمن إلى أن قارب ابن مردنيش، فبلغه أمر البرشلوني الإفرنجي فرجع، ونازل مدينة المرية وهي بأيدي الروم فحاصرها، فاشتد الغلاء في عسكره فرجع إلى إشبيلية فأقام فيها، وسار عبد المؤمن إلى سبتة فجهز الأساطيل وجمع العساكر.
ثم سار عبد المؤمن سنة٥٧٤ (١) إلى المهدية فملكها، وملك إفريقية، وضخم ملكه كما قدمناه.
يوسف بن عبد المؤمن
ولما مات بويع بعده ولده يوسف بن عبد المؤمن، ولما تمهدت له الأمور،
(١) انظر المعجب: ٢٩٨ حيث جعل سير عبد المؤمن للمهدية سنة ٥٤٣.