طائرٌ شادٍ، وظلٌّ وارفٌ ... ومياهٌ سائحاتٌ وقصور وقال آخر:
يا حسن أندلسٍ وما جمعت لنا ... فيها من الأوطار والأوطان
تلك الجزية لست أنسى حسنها ... بتعاقب الأحيان والأزمان
نسج الربيع نباتها من سندسٍ ... موشيّةٍ ببدائع الألوان
وغدا النسيم بها عليلاً هائماً ... بربوعها وتلاطم البحران
يا حسنها والطلّ ينثر فوقها ... درراً خلال الورد والرّيحان
وسواعد الأنهار قد مدّت إلى ... ندمائها بشقائق النّعمان
وتجاوبت فيها شوادي طيرها ... والتفّت الأغصان بالأغصان
ما زرتها إلاّ وحيّاني بها ... حدق البهار وأنمل السّوسان
من بعدها ما أعجبتني بلدةٌ ... مع ما حللت به من البلدان [من خصائص الأندلس]
وحكى بعضهم أن بالجامع من مدينة أقليش بلاطاً فيه جوائز منشورة مربعة مستوية الأطراف، طول الجائزة منها مائة شبر وأحد عشر شبراً.
وفي الأندلس جبلٌ من شرب من مائه كثر عليه الاحتلام، من غير إرادة ولا تفكر، وفيها غير ذلك ممّا يطول ذكره، والله أعلم.
ولنمسك العنان في هذا الباب، فإن بحر الأندلس طويلٌ مديدٌ، وربما كررنا الكلام لارتباط بعضه ببعضٍ، أو لنقل صاحبه المروي عنه، أو لاختلاف مّا، أو غير ذلك من غرضٍ سديدٍ.