للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حث المطية، المتثاقلة عن السير في طريق منجاتها البطية:

وما أنا والتلدّد نحو نجد ... وقد غصّت تهامة بالرجال ووصلت أيضاً من الشرق إلينا، كتبٌ كريمة المقاصد لدينا، تستدعي الانحياز إلى تلك الجنبات، وتتضمن ما لا مزيد عليه من الرغبات، فلم نختر إلا دارنا التي كانت دار آبائنا من قبلنا، ولم نرتض الإنضواء إلا لمن بحبله وصل حبلنا، وبريش نبله ريش نبلنا، إدلالاً على محل إخاء متوارث لا عن كلالة، وامتثالاً لوصاة أجداد لأنظارهم وأقدارهم أصالة وجلالة، إذ قد روينا عمن سلف من أسلافنا، في الإيصاء لمن يخلف بعدهم من أخلافنا، أن لا يبتغوا إذا دهمهم داهم بالحضرة المرينية بدلاً، ولا يجدوا عن طريقها في التوجه إلى فريقها (١) معدلاً، فاخترقنا إلى الرياض الأريضة الفجاج، وركبنا إلى البحر الفرات ظهر البحر الأجاج، فلا غرو أن نرد منه على ما يقر العين، ويشفي النفس الشاكية من ألم البين، ومن توصل هذا التوصل، وتوسل بمثل ذلك التوسل، تطارحاً على سدة أمير المؤمنين، المحارب للمحاربين، والمؤمن للمستأمنين، فهو الخليق الحقيق بأن يسوغ أصفى مشاربه، ويبلغ أوفى مآربه، على توالي الأيام والشهور والسنين، ويخلص من الثبور إلى الحبور، ويخرج من الظلمات إلى النور، خروج الجنين، ولعل شعاع سعادته يفيض علينا، ونفحة قبول إقباله تسري إلينا، فتخامرنا أريحية تحملنا على أن نبادر، لإنشاد قول الشريف الرضي في الخليفة القادر (٢) :

عطفاً أمير المؤمنين فإنّنا ... في دوحة العلياء لا نتفرّق

ما بيننا يوم الفخار تفاوتٌ ... أبداً، كلانا في المعالي معرق

إلاّ الخلافة ميّزتك، فإنّني ... أنا عاطلٌ منها وأنت مطوّق


(١) ص: أفريقيا.
(٢) ديوان الرضي ٢: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>