لا بل الأحرى بنا والأحجى، والأنجح لسعينا والأرجى، أن نعدل عن هذا المنهاج، ويقوم وافدنا بين يدي علاه مقام الخاضع المتواضع الضعيف المحتاج، وينشد ما قال في الشيرازي ابن حجاج (١) :
الناس يفدونك اضطراراً ... منهم، وأفديك باختياري
وبعضهم في جوار بعضٍ ... وأنت حتى أموت جاري
فعش لخبزي وعش لمائي ... وعش لداري وأهل داري ونستوهب من الوهاب تعالى جلت أسماؤه، وتعاظمت نعماؤه، رحمةً تجعل في يد الهداية أعنتها، وعصمةً تكون في مواقف المخاوف جنتنا، وقبولاً يعطف علينا نوافر القلوب، وصنعاً يسني لنا كل مرغوب ومطلوب، ونسأله وطالما بلغ السائل سؤالاً ومأمولاً، متاباً صادقاً على موضوع الندم محمولاً، ثم عزاءً حسناً وصبراً جميلاً، عن أرض أورثها من شاء من عباده معقباً لهم ومديلاً، وسادلاً عليهم من ستور الإملاء الطويلة سدولاً " سنة الله التي قد خلت من قيل ولن تجد لسنة الله تبديلاً " فليطر طائر الوسواس المرفرف مطيراً، كان ذلك في الكتاب مسطوراً، لم نستطع عن مورده صدوراً، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
ألا وإن لله سبحانه، في مقامكم العلي الذي أيده وأعانه، سراص من النصر يترجم عنه لسان من النصل، وترجع فروع البشائر الصادقة، بالفتوحات المتلاحقة، من قاعدته المتأصلة، إلى أصل، فبمثله يجب اللياذ، والعياذ، ولشبهه يحق الالتجاء، والارتجاء، ولأمر ما آثرناه واخترناه، بعد أن استرشدنا الله سبحانه واستخرناه، ومنه جل جلاله نرغب أن يخير لنا ولجميع المسلمين ويأوينا من حمايته ووقايته إلى معقل منيع وجناب رفيع أمين، آمين آمين، ونرجو أن يكون ربنا، الذي هو في جميع الأمور حسبنا، قد خار لنا حيث أرشدنا وهدانا،
(١) من أبيات لابن حجاج في أبي الفضل الشيرازي (اليتيمة ٣: ٤٧) .