للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعهدي بالغرس المنعم دوحه ... سقتك دموعي، إنها مزنة، شكرا

فكم فيك من يوم أغر محجل ... تقضت أمانيه فخلدتها ذكرا

على مذنب كالبحر (١) من فرط حسنه ... تود الثريا أن يكون لها نحرا

سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى ... نقا الرملة البيضاء فالنهر فالجسرا

وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم ... لما فارقت عيني وجوههم الزهرا

ولو كنت أقضي حق نفسي - ولم أكن - ... لما بت أستحلي فراقهم المرا

وما اخترت هذا البعد إلا ضرورة ... وهل تستجيز العين أن تفقد الشفرا

قضى الله أن تنأى بي الدار عنهم ... أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا

ووالله لو نلت المنى ما حمدتها ... وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا

أيأنس باللذات قلبي ودونهم ... مرام يجد الكرب في طيها (٢) شهرا

ويصحب هادي (٣) الليل راء حروفه ... وصاداً ونوناً قد تقوس واصفرا

فديتهم ضنوا وبانوا بكتبهم ... فلا خبراً منهم لقيت ولا خبرا

ولولا علا هماتهم لعتبتهم ... ولكن عراب الخيل لا تحمل الزجرا

ضربت غبار البيد في مهرق السرى ... بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا

وحققت ذاك الضرب جمعاً وعدة ... وطرحاً وتجميلاً فأخرج لي صفرا

كأن زماني حاسب متعسف ... يطارحني كسراً وما يحسن الجبرا

فكم عارف بي وهو يحسن رتبتي ... فيمدحني سراً ويشتمني (٤) جهرا

لذلك ما أعطيت نفسي حقها ... وقلت لسرب الشعر لا ترم الفكرا

فما برحت فكري عذارى قصائدي ... ومن خلق العذراء أن تألف الخدرا

ولست وإن طاشت سهامي بآيس ... فإن مع العسر الذي يتقى يسرا


(١) الإحاطة: كالخز.
(٢) الإحاطة: من دونها.
(٣) الإحاطة: هذا.
(٤) الإحاطة: فيشتمني سرا ويحمدني.

<<  <  ج: ص:  >  >>