للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرقوا كنيسة بها كانت عندهم معظّمة، وأصابوا سبياً يسيراً، وقتلوا وانصرفوا سالمين.

وقال الرازي: هو أبو زرعة طريف بن مالك المعافري، الاسم طبق الكنية.

قالوا: ثمّ عاود يليان القدوم على موسى بن نصير محركاً في الاقتحام على أهل الأندلس، وخبره بما كان منه ومن طريف وأبي زرعة، وما نالوه من أهلها، وباشروه من طيبها، فحمد الله على ذلك، واستجدّ عزماً في إقحام المسلمين فيها، فدعا مولىّ له كان على مقدّمته يسمّى طارق بن زياد بن عبد الله فارسيّاً همذانيّاً - وقيل: إنّه ليس بمولى لموسى، وإنّما هو رجل من صدف، وقيل: مولى لهم، وقد كان بعض عقبه بالأندلس ينكرون ولاء موسى إنكاراً شديداً، وقيل: إنّه بربري من نفزة - فعقد له موسى، وبعثه في سبعة آلاف من المسلمين جلّهم البربر والموالي، وليس فيهم عرب إلا قليل، ووجّه معه يليان، فهيّأ له يليان المراكب، فركب في أربع سفن لا صناعة له غيرها، وحطّ بجبل طارق المنسوب إليه يوم سبت في شعبان سنة اثنتين وتسعين، في شهر أغشت (١) ، ثم صرف المراكب إلى من خلفه من أصحابه، فركب من بقي من الناس، ولم تزل السفائن تختلف إليهم حتى توافى جميعهم عنده بالجبل، وقيل: حلّ طارق بجبله يوم الاثنين لخمس خلون من رجب من السنة في اثني عشر ألفاً غير ستة عشر رجلاً من البرابرة (٢) ، ولم يكن فيهم من العرب إلاّ يسير، أجازهم يليان إلى ساحل الأندلس في مراكب التجار من حيث لم يعلم بهم، أوّلاً أوّلاً، وركب أميرهم طارق آخرهم.

قيل (٣) : وأصاب طارق عجوزاً من أهل الجزيرة، فقالت له في بعض قولها: إنّه كان لها زوج عالم بالحدثان فكان يحدثهم عن أمير يدخل إلى بلدهم هذا،


(١) ك: أغسطس.
(٢) ق: البربر.
(٣) انظر ما تقدم ص: ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>