ويغلب عليه، ويصف من نعته أنّه ضخم الهامة، فأنت كذلك، ومنها أن في كتفه الأيسر شامة عليها شعر، فإن كان بك هذه العلامة فأنت هو، فكشف طارق ثوبه فإذا بالشامة في كتفه على ما ذكرته العجوز، فاستبشر بذلك هو ومن معه.
وذكر عن طارق أنّه كان نائماً في المركب فرأى في منامه النبي، صلى الله عليه وسلّم، والخلفاء الأربعة أصحابه عليهم السلام يمشون على الماء حتى مرّوا به، فبشّره النبي، صلى الله عليه وسلّم، بالفتح، وأمره بالرفق بالمسلمين، والوفاء بالعهد. وقيل: إنّه لما ركب البحر غلبته عينه فكان يرى النبي، صلى الله عليه وسلّم، وحوله المهاجرون والأنصار قد تقلّدوا السيوف وتنكبوا القسيّ، فيقول له رسول الله، صلى الله عليه وسلّم: يا طارق، تقدم لشأنك، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلوا الأندلس قدّامه، فهبّ من نومه مستبشراً، وبشّر أصحابه، وثابت إليه نفسه ثقةً ببشراه، فقويت نفسه، ولم يشكّ في الظفر، فخرج من البلد، واقتحم بسيط البلاد شانّاً للغارة.
قالوا: ووقع على لذريق الملك خبر اقتحام العرب ساحل الأندلس، وتوالي غاراتهم على بد الجزيرة، وأن يليان السبب فيها، وكان يومئذ غائباً بأرض بنبلونة في غزاة له إلى البشكنس لأمر كان استصعب عليه بناحيتهم، فعظم عليه، وفهم الأمر الذي منه أتي، وأقبل مبادراً الفتق في جموعه، حتى احتل بمدينة قرطبة من الموسطة (١) ، ونزل القصر المدعوّ بها ببلاط لذريق المنسوب إليه، وليس لأنّه بناه أو اخترعه - وه بناء من تقدمه من الملوك اتخذوه لمنزلهم في قرطبة إذا أتوها - إلا أن العرب لما غلبوا لذريق وهذا القصر من مواطنه نسبوه إليه، إذ لم يعرفوا من بناه. ويزعم العجم أن الذي بناه ملك منهم كان ساكناً بحصن المدور أسفل قرطبة، وخرج يوماً يتصيد حتى