وابلل بها رمق الأصيل عشية ... والشمس من وعد الغروب على خطر
محمرة مصفرة قد أظهرت ... خجل المريب يشوبه وجل الحذر
من كف شفاف تجسد نوره ... من جوهر لألاه بهجته بهر
تهوى البدور كماله وتود أن ... لو أوتيت منه المحاسن والغرر
قد خط نون عذاره في خده ... قلمان من آس هناك ومن شعر
والى عليك بها الكؤوس، وربما ... يسقيك من كأس الفتور إذا فتر
سكر الندامى من يديه ولحظه ... متعاقب مها سقى وإذا نظر
حيث الهدير مع الهديل تناغيا ... فالطير تنشد (١) في الغصون بلا وتر
والقضب مالت للعناق كأنها ... وفد الأحبة قادمين من السفر
متلاعبات في الحلي ينوب في ... وجناتهن حسناً عن خفر
والنرجس المطلول يرنو نحوها ... بلواحظ دمع الندى منها انهمر
والنهر مصقول الحسام متى يرد ... درع الغدير مصفقاً فيه صدر
يجري على الحصباء وهي جواهر ... متكسراً من فوقها مهما عثر
هل هذه أم روضة البشرى التي ... فيها لأرباب البصائر معتبر
لم أدر من شغف بها وبهذه ... من منهما فتن القلوب ومن سحر
جاءت بها الأجفان ملء ضلوعها ... ملء الخواطر والمسامع والبصر
ومسافر في البحر ملء عنانه ... وافى مع الفتح المبين على قدر
قادته نحوك بالخطام كأنه ... جمل يساق إلى القياد وقد نفر
وأراه دين الله عزة أهله ... بك يا أعف القادرين إذا قدر
يا فخر أندلس وعصمة أهلها ... للناس سر في اختصاصك قد ظهر
كم معضل من دائها عالجته ... فشفيت منه البدار والبدر
ماذا عسى يصف البليغ خليفة ... والله ما أيامه إلا غرر
(١) الأزهار: تشدو.