للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يبل قلبي قبل سماع غنائه ... بمعذر سلب العقول وما اعتذر

جس القلوب بجسه أوتاره ... حتى كأن قلوبنا بين الوتر

نمت لنا ألحانه بجميع ما ... قد أودعت فيه القلوب من الفكر

يا صامتاً والعود تحت بنانه ... يغنيك نطق الخبر فيه عن الخبر

أغنى غناؤك من مدامك، يا ترى ... هل من لحاظك أم بنانك ذا السكر

باحت أناملك اللدان بكل ما ... كان المتيم في هواه قد ستر

ومقاتل ما سل غير لحاظه ... والرمح هز من القوام إذا خطر

دانت له منا القلوب بطاعة ... والسيف يملك ربه مهما قهر وسنلم إن شاء الله تعالى بترجمة ابن زمرك هذا في باب التلامذة، ونشير هناك إلى كثير من أحواله، وكيفية قتله مع أولاده وخدمه بمرأى ومسمع من أهله، فكان الجزاء من جنس العمل، وخاب منه الأمل، إذ لسان الدين قتل غيلة بليل غاسق، على يد مختلس في السجن فاسق، وأما ابن زمرك فقتل بالسيف جهاراً، وتناوشته سيوف مخدومه بين بناته إبداء للتشفي وإظهاراً، وقتل معه من وجد من خدمه وأبناه، وأبعده الدهر وطالما أدناه. وهكذا الحال في خدام الدول وذوي الملك، أنهم أقرب شيء من الهلك، ويرحم الله من قال: إياك وخدمة الملوك فإنهم يستقلون في العقاب ضرب الرقاب، ويستكثرون في الثواب رد الجواب؛ انتهى.

رجع إلى ما كنا فيه من أحوال لسان الدين ابن الخطيب: وكان رحمه الله تعالى قبيل موته لما توفي السلطان أبو فارس عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن المريني بتلمسان وتغلب على الأمر الوزير أبو بكر ابن غازي بن الكاس مبايعاً لابن صغير السن أولاد السلطان عبد العزيز - ألف كتابه المسمى بأعمال الأعلام بمن بويع من ملوك الإسلام قبل الاحتلام ومراده بذلك تثبيت دولة الوزير الذي أبى أن يخفر عهده وذمته، وامتنع منه أهل الأندلس، فأكثروا

<<  <  ج: ص:  >  >>