للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القالة في الوزير بسبب مبايعته للصبي، وبنوا ظاهر الأمر على أن ذلك لا يجوز بالشرع، وأبدأوا وأعادوا في ذلك، واسروا ما كان من أمرهم حسواً في ارتغاء. ومن جملة كلام لسان الدين ابن الخطيب في ذلك الكتاب قوله: فمتى نبس أهل الأندلس بإنكار بيعة صبي صغير، أو نيابة صاحب أو وزير، فقد عموا وصموا، وخطروا بربع الإنصاف فأعرضوا وما ألموا، وبما نسوه لغيرهم ذموا؛ انتهى.

وكان رحمه الله تعالى ألف للسلطان عبد العزيز حين انحيازه إليه المباخر الطيبية في المفاخر الخطيبية: يذكر فيه نباهة سلفه، وما لهم من المجد، وقصده الرد على أهل الأندلس المجاهرين له بالعداوة، القادحين في فخر سلفه. ثم ألف للسلطان المذكور كتاب " خلع الرسم في التعريف بأحوال ابن الحسن " لكونه تولى كبر الحط منه، والسعي في هلاكه كما مر، وقال في حق هذا الكتاب: إنه لا شيء فوقه في الظرف والاستطراف، يسلس الثكالى، ونستغفر الله تعالى؛ انتهى.

ومع هذا كله لما أنشبت المنية أظفارها لم تنفعه مما كتب تميمة، ونال ما أمل فيه أهل السعاية والنميمة، وسجلوا عليه المقالات الذميمة، وقد صار الجميع إلى حكم عدل قادر يحيي من العظم رميمه، ونصف المظلوم من الظالم، ويجازي الجاهل والعالم، ويساوي بين المأمور والآمر، والشريف والمشروف، والعزيز والحقير والمنكر والمعروف، وعفوه سبحانه مؤمل بعد، وهو لا يخلف الوعد، ومن سبقت له العناية، لم تضره الجناية.

وقد كان لسان الدين البن الخطيب - رحمه الله تعالى - محباً في العفو حتى إنه كان إذا جرى لديه ذكر عقوبة الملوك لأتباعهم تشمئز نفسه من ذلك ويقول ما معناه: ما ضرهم لو عفوا! ورأيت له - رحمه الله تعالى - في بعض مؤلفاته وقد أجرى ذكر استعطاف ذي الوزارتين أبي بكر ابن عمار للسلطان المعتمد بن عباد حين قبض عليه بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>