للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يقع كثيراً، ومنه ما وقع لابن الرقام حيث قال: من شعر عمي قوله:

جل في البلاد تنل عزاً وتكرمة ... في أي أرض فكن تبلغ مناك بها

جل الفوائد بالأسفار مكتسب ... والله قد قال " فامشوا في مناكبها " فقال له الفقيه ابن حذلم: مثل هذا وقع لأبي حيان إذ قال:

يا نفس ما لك تهوين الإقامة في ... أرض تعذر كل من مناك بها

أما تلوت وعجز المرء منقصة ... في محكم الوحي " فامشوا في مناكبها " فحصل العجب من هذا الاتفاق الغريب.

ونقلت ممن نقل من خط الفقيه محمد بن علي بن الصباغ العقيلي ما صورته: كان الشريف الغرناطي - رحمه الله تعالى - آية زمانه، وأزمة البيان طوع بنانه، له شرح المقصورة القرطاجية أغرب ما تتحلى به الآذان، وأبدع ما ينشرح له الجنان، إلى العقل الذي لا يدرك، والفضل الذي حمد منه المسلك. حدثني بنادرة جرت بينه وبين مولاي الوالد من أثق به من طلبة الأندلس وأعلامها قال: دخل والدك يوماً لأداء الشهادة عنده، فوجد بين يديه جماعة من الغزاة يؤدون شهادة، فسمع القاضي منهم، وقال لهم: هل من يعرفكم فقالوا: نعم، يعرفنا علي الصباغ، فقال القاضي: أتعرفهم يا أبا الحسن فقال له: نعم يا سيدي، معرفة محمد بن يزيد، فما أنكر عليه شيئاً بل قال لهم: عرف الفقيه أبو الحسن ما عنده، فانظروا من يعرف معه رسم حالكم، فانصرفوا راضين، ولم يرتهن والدي في شيء من حالهم، ولا كشف القاضي لهم ستر القضية.

قال محمد بن علي بن الصباغ: أما قول والدي " معرفة محمد بن يزيد " فإشارة إلى قول الشاعر (١) :


(١) انظر نور القبس: ٣٣١ حيث يقال إن البيتين لعبد الصمد بن المعذل في هجاء المبرد، وقيل بل هما للمبرد نفسه، أراد أن يثبت لنفسه نسبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>