للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهزم بهما أبناء غيطشة، وثبت القلب بعدهما قليلاً وفيه لذريق، فعذّر (١) أهل بشيء من قتال، ثم انهزموا ولذريق أمامهم، فاستمرّت هزيمتهم، وأذرع المسلمون القتل فيهم، وخفي أثر لذريق فلا يدرى أمره، إلاّ أن المسلمين وجدوا فرسه الأشهب الذي فقد وهو راكبه، وعليه سرج له من ذهب مكلّل بالياقوت والزبرجد، ووجدوا أحد خفّيه وكان من ذهب مكلّل بالدرّ والياقوت (٢) ، وقد ساخ الفرس في طين وحمأة، وغرق العلج، فثبت أحد خفّيه في الطين فأخذ، وخفي الآخر، وغاب شخص العلج ولم يوجد حيّاً ولا ميتاًن والله أعلم بشأنه.

وقال الرازي: كانت الملاقاة يوم الأحد لليلتين بقيتا من شهر رمضان، فاتصلت الحرب بينهم إلى يوم الأحد لخمس خلون من شوّال بعد تتمة ثمانية أيام، ثم هزم الله المشركين، فقتل منهم خلق عظيم (٣) ، أقامت عظامهم بعد ذلك بدهر طويل ملبسة لتلك الأرض، قالوا: وحاز المسلمون من عسكرهم ما يجلّ قدره، فكانوا يعرفون كبار العجم وملوكهم بخواتم الذهب يجدونها في أصابعهم ويعرفون من دونهم بخواتم الفضة، ويميزون عبيدهم بخواتم النحاس، فجمع طارق الفيء وخمّسه، ثمّ اقتسمه أهله على تسعى آلاف من المسلمين سوى العبيد والأتباع، وتسامع الناس من أهل برّ العدوة بالفتح على طارق بالأندلس وسعة المغنم (٤) فيها، فأقبلوا نحوه من كل وجه، وخرقوا البحر على كل ما قدروا عليه من مركب وقشر، فلحقوا بطارق، وارتفع أهل الأندلس عند ذلك إلى الحصون والقلاع، وتهاربوا من السهل ولحقوا بالجبال، ثم أقبل


(١) ق ك ط ودوزي: فغدر. وعذر: دفع عن نفسه اللوم بفعل كأنه تقصير؛ وسقط من ج: فعذر ... وخفي أثر لذريق.
(٢) زاد في ك: والزبر جد.
(٣) ك: خلق كثير عظيم.
(٤) ج: الغنائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>