للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم، فكان القوم يرونها من أطيب أملاكهم، انتهى.

قال ابن حيّان وغيره: ولمّا بلغ موسى بن نصير ما صنعه طارق بن زياد وما أتيح له من الفتوح حسده، وتهيّأ للمسير إلى الأندلس فعسكر وأقبل نحوها ومعه جماعة الناس وأعلامهم، وقيل: إنّهم كانوا ثمانية عشر ألفاً، وقيل: أكثر، فكان دخوله إلى الأندلس في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين، وتنكب الجبل الذي حلّه طارق، ودخل على الموضع المنسوب إليه المعروف الآن بجبل موسى، فلمّا احتل الجزية الخضراء قال: ما كنت لأسلك طريق طارق، ولا أقفو أثره، فقال له العلوج الأدلاء أصحاب يليان: نحن نسلك بك (١) طريقاً هو أشرف من طريقه، وندلك على مدائن هي أعظم خطراً وأعظم خطباً وأوسع غنماً (٢) من مدائنه، لم تفتح بعد، يفتحها الله عليك إن شاء الله تعالى، فملئ سروراً. وكان شفوف طارق قد غمّه، فساروا به في جانب ساحل شذونة، فافتتحها عنوة، وألقوا بأيديهم إليه، ثمّ سار إلى مدينة قرمونة، وليس بالأندلس أحصن منها، ولا أبعد على من يرومها بحصار أو قتال، فدخلها بحيلة توجهت بأصحاب يليان، دخلوا إليهم كأنّهم فلاّل وطرقهم موسى بخيله ليلاً ففتحوا لهم الباب وأوقعوا بالأحراس، فملكت المدينة. ومضى موسى إلى إشبيلية جارتها فحاصرها، وهي أعظم مدائن الأندلس شأناً، وأعجبها بنياناً، وأكثرهم آثاراً، وكانت دار الملك (٣) قبل القوطيين، فلمّا غلب القوطيون على ملك الأندلس حولوا السلطان إلى طليطلة، وبقي رؤساء الدين فيها أعني إشبيلية، فامتنعت أشهراً على موسى، ثم فتحها الله عليه، فهرب العلوج عنها إلى مدينة باجة، فضم موسى يهودها إلى القصبة، وخلّف بها رجالاً، ومضى من إشبيلية إلى


(١) ك: نسلكك.
(٢) بعض الصول: هي أوسع خطراً وأعظم خطباً ... الخ؛ وقد سقطت " أعظم خطراً " من ق ط؛ وفي ج: هي أعظم وأوسع مغنماً.
(٣) ق ك: المملكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>