للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتمله من غنائم الأندلس من الأموال والأمتعة يحملها على العجل والظّهر، ومعه ثلاثون ألف رأسٍ من السبي، فلم يلبث أن هلك الوليد بن عبد الملك (١) وولي سليمان، فنكب موسى نكباً أداه إلى المتربة، فهلك في نكبته تلك بوادي القرى سنة سبع وتسعين.

قال ابن حيّان: وهذه المائدة المنوّه باسمها المنسوبة إلى سليمان النبيّ عليه الصلاة والسلام لم تكن له فيما يزعم رواع العجم، وإنّما أصلها أن العجم في أيام ملكهم كان أهل الحسنة منهم إذا مات أحدهم أوصى بمال الكنائس، فإذا اجتمع عندهم ذلك المال صاغوا منه الآلات الضخمة من الموائد والكراسي وأشباهها من الذهب والفضّة، تحمل الشّمامسة والقسوس فوقها مصاحف الأناجيل إذا أبرزت في أيّام المناسك، ويضعونها (٢) على المذابح في الأعياد للمباهاة بزينتها، فكانت تلك المائدة بطليطلة ممّا صيغ (٣) في هذه السبيل، وتأنقت الأملاك في تفخيمها، يزيد الآخر منهم فيها على الأوّل، حتى برزت على جميع ما اتخذ من تلك الآلات، وطار الذكر مطاره عنها، وكانت مصوغة من خالص الذهب، مرصّعة بفاخر الدرّ والياقوت والزمرد، لم تر الأعين مثلها، وبولغ في تفخيمها من أجل دار المملكة، وأنّه لا ينبغي أن تكون بموضع آلة جمالٍ أو متاع مباهاةٍ إلا دون ما يكون فيها، وكانت توضع على مذبح كنيسة طليطلة، فأصابها المسلمون هناك، وطار النبأ الفخم عنها. وقد كان طارق ظن بموسى أميره مثل الذي فعله من غيرته على ما تهيّأ له ومطالبته له بتسليم ما في يده إليه، فاستظهر بانتزاع رجلٍ من أرجل هذه المائدة خبأه عنده، فكان من فلجه به على موسى عدوّه عند الخليفة إذ تنازعا عنده بعد الأثر في جهادهما ما هو مشهور، انتهى.


(١) ابن عبد الملك: سقطت من ق ج ط.
(٢) ق ودوزي: ويصفونها.
(٣) صنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>