للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اقتحامها، فلاطف موسى مغيثاً رسول الخليفة، وسأله إنظاره إلى أن ينفذ عزمه في الدخول إليها والمسير معه في البلاد أيّاماً ويكون شريكه في الأجر والغنيمة، ففعل، ومشى معه حتى بلغ المفازة، فافتتح حصن بارو (١) وحصن لكّ (٢) ، فأقام هناك، وبثّ السرايا حتى بلغوا صخرة بلاي (٣) على البحر الأخضر، فلم تبق كنيسة إلاّ هدمت، ولا ناقوس إلا كسر، وأطاعت الأعاجم فلاذوا بالسلم وبذل الجزية، وسكنت العرب المفاوز، وكان العرب والبربر كلمّا مرّ قوم منهم بوضع استحسنوه حطّوا به ونزلوه قاطنين، فاتسع نطاق الإسلام بأرض الأندلس، وخذل الشرك، وبينما موسى كذلك في اشتداد الظهور وقوّة الأمل إذ قدم رسولٌ آخر من الخليفة يكنى أبا نصر أردف به الوليد مغيثاً لما استبطأ موسى في القفول، وكتب إليه يوبخه، ويأمره بالخروج، وألزم رسوله إزعاجه، فانقلع (٤) حينئذ من مدينة لكّ بجليقية، وخرج على الفج المعروف بفج موسى (٥) ، ووافاه طارق في الطريق منصرفاً من الثغر الأعلى، فأقفله مع نفسه ومضيا جميعاً ومعهما من الناس من اختار القفول، وأقام من آثر السكنى في مواضعهم التي كانوا قد اختطوها واستوطنوها، وقفل معهم الرسولان مغيث وأبو نصر حتى احتلّوا بإشبيلية، فاستخلف موسى ابنه عبد العزيز على إمارة الأندلس، وأقرّه بمدينة إشبيلية لاتصالها بالبحر نظراً لقربه من مكان (٦) المجاز،


(١) بازو؛ وقد اختار هذه القراءة لتقابل (Viseu) الواقعة إلى الجنوب الشرقي من أوبورتو. ويرى بعض المؤرخين أن وصول موسى إليها حيث كان، وفي وقت قصير، أمر عسير جدا، ولذا قدروا أن تكون بارو في منطقة بلد الوليد أي البلدة المسماة (Yillabaruz) ويكون الاسم " باروز ".
(٢) لك: هي (Lucus Asturum) وتسمى اليوم: (Maria de Lugo) .
(٣) صخرة بلاي: (Pena de pelayo) وهي أقصى نقطة من أشتريس على المحيط الأطلسي (البحر الأخضر) .
(٤) ق: فانخلع، وسقطت " حينئذ بعدها.
(٥) فج موسى: (Valmusa) (أي وادي موسى) .
(٦) ك: مكاره.

<<  <  ج: ص:  >  >>