للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكثيرة التي ما رئي ولا سمع مثلها، فيعظم بذلك مقام سليمان عند الناس، فأبى موسى من ذلك، ومنعه دينه منه، وجدّ في السير (١) حتى قدم والوليد حيٌّ، فسلّم له الأخماس والمغانم والتحف والذخائر، فلم يمكث الوليد إلاّ يسيراً بعد قدوم موسى، وتوفّي، واستخلف سليمان، فحقد عليه وأهانه، وأمر بإقامته في الشمس حتى كاد يهلك، وأغرمه أموالاً عظيمة، ودسّ إلى أهل الأندلس بقتل ابنه الذي استخلفه على الأندلس، وهو عبد العزيز بن موسى، وكان تولى الأندلس بعد قفول أبيه عنها باستخلافه إيّاه كما سبق، فضبط سلطانها، وضمّ نشرها، وسدّ ثغورها، وافتتح في ولايته مدائن كثيرة ممّا كان قد بقي على أبيه موسى منها، وكان من خير الولاة، إلاّ أن مدّته لم تطل لوثوب الجند به وقتلهم إيّاه عقب سنة خمس وتسعين في خلافة سليمان الموقع بأبيه موسى لأشياء نقموها عليه (٢) : منها (٣) زعموا تزوّجه لزوجة لذريق المكنّاة أم عاصم وكانت قد صالحت على نفسها وأموالها وقت الفتح، وباءت بالجزية، وأقامت على دينها في ظل نعمتها إلى أن نكحها الأمير عبد العزيز، فحظيت عنده. ويقال: إنّه سكن بها في كنيسة بإشبيلية، وإنّها قالت له: لم لا يسجد لك أهل مملكتك كما كان يسجد للذريق - زوجها الأول - أهل مملكته؟ فقال لها: إن هذا حرام في ديننا، فلم تقنع منه بذلك، وفهم لكثرة شغفه بها أن عدم ذلك ممّا يزري بقدره عندها، فاتخذ باباً صغيراً قبالة مجلسه يدخل عليه الناس منه، فينحنون، وأفهمها أن ذلك الفعل منهم تحية له، فرضيت بذلك، فنمي الخبر إلى الجند، مع ما انضم إلى ذلك من دسيسة سليمان لهم في قتله، فقتلوه، سامحه الله تعالى.

وذكر بعض المؤرخين أنهم وجدوا في الحجر بعد ما تقدّم من الكتابة التي


(١) ط: وأجد السير؛ ج: وجد السير؛ دوزي: وأغذ السير.
(٢) انظر أخبار مجموعة: ٢٠ وابن القوطية: ٣٧ وتاريخ ابن عبد الحكم: ٢٨٥.
(٣) منها: سقطت من ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>