منه، ورمياه بالخيانة، وأخبراه بما صنع بهما من خبر المائدة والعلج صاحب قرطبة، وقالا له: إنّه قد غلّ جوهراً عظيم القدر أصابه لم تحو الملوك من بعد فتح فارس مثله، فلمّا وافى سليمان وجده ضغيناً عليه، فأغلظ له، واستقبله بالتأنيب والتوبيخ، فاعتذر له ببعض العذر، وسأله عن المائدة، فأحضرها، فقال له: زعم طارق أنّه الذي أصابها دونك، قال: لا، وما رآها قطّ إلا عندي، فقال طارق: فليسأله أمير المؤمنين عن الرّجل التي تنقصها، فسألهن فقال هكذا أصبتها، وعوضتها رجلاً صنعتها لها، فحول طارق يده إلى قبائه فأخرج الرجل، فعلم سليمان صدقه وكذب موسى، فحقّق جميع ما رمي به عنده، وعزله عن جميع أعماله، وأقصاه وحبسه، وأمر بتقصّي حسابه، فأغرمه غرماً عظيماً كشفه فيه، حتى اضطره إلى أن سأل العرب معونته، فيقال: إن لخماً حملت عنه في أعطيتها تسعين ألفاً ذهباً، وقيل: حمله سليمان غرم مائتي ألف، فأدى مائة ألف، وعجز، فاستجار بيزيد بن المهلب أثير سليمان، فاستوهبه من سليمان، فوهبه إيّاه، إلا أنّه عزل ابنه عبد الله عن إفريقية.
وقال الرازي: إن الذي أزعج موسى عن الأندلس أبو نصر رسول الوليد فقبض على عنانه وثناه قافلاً، وقفل معه من أحبّ المشرق، وكان أكثر الناس قطنوا ببلاد الأندلس لطيبها، فأقاموا فيها.
[نهاية موسى وابنه عبد العزيز]
وذهب جماعة من أهل التاريخ إلى أن موسى إنّما قدم على الوليد، وأن سليمان وليّ العهد لمّا سمع بقرب موسى بن نصيرمن دمشق - وكان الوليد مريضاً - كتب - أي سليمان - إلى موسى يأمره بالتربص، رجاء أن يموت الوليد قبل قدوم موسى فقدم موسى على سليمان في أول خلافته بتلك الغنائم