للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا فيما مرّ عن ابن جيّان ما فيه نظير هذا، وذكرنا فيما مضى من أمر المائدة وغيرها ما فيه بعض تخالف، وما ذلك إلاّ لأنّا ننقل كلام المؤرخين، وإن خالف بعضهم بعضاً، ومرادنا تكثير الفائدة، وبالجملة فالمائدة جليلة المقدار، وإن حصل الخلاف في صفتها وجنسها وعدد أرجلها، وهي من أجلّ ما غنم بالأندلس، على كثرة ما حصل فيها من الغنائم المتنوّعة الأجناس التي ذكرها إلى الآن شائع بين الناس.

[استيطان العرب في الأندلس]

واعلم أنّه لمّا استقر قدم أهل الإسلام بالأندلس وتتامّ فتحها صرف أهل الشام وغيرهم من العرب هممهم إلى الحلول بها، فنزل بها من جراثيم العرب وساداتهم جماعة أورثوها أعقابهم إلى أن كان من أمرهم ما كان.

فأمّا العدنانيون فمنهم خندف ومنهم قريش، وأمّا بنو هاشم من قريش فقال ابن غالب في فرحة الأنفس: بالأندلس منهم جماعة كلّهم من ولد إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، ومن هؤلاء بنو حمّود ملوك الأندلس بعد انتثار سلك بني أمية (١) ، وأمّا بنو أميّة فمنهم خلفاء الأندلس، قال ابن سعيد: ويعرفون هنالك إلى الآن بالقرشيين، وإنّما عمّوا نسبتهم إلى أميّة في الآخر لمّا انحرف الناس عنهم، وذكروا أفعالهم في الحسين رضي الله عنه، وأمّا بنو زهرة فهم (٢) بإشبيلية أعيان متميزون، وأمّ المخزوميون فمنهم أبو بكر المخزومي الأعمى الشاعر المشهور من أهل حصن المدوّر، ومنهم الوزير الفاضل في النظم والنثر أبو بكر بن زيدون ووالده الذي هو أعظم منه أبو الوليد بن زيدون وزير معتضد بني عبّاد. وقال ابن غالب: وفي الأندلس من ينسب إلى جمح، وإلى بني عبد الدار، وكثير من قريش المعروفون بالفهريين من بني محارب


(١) انظر جمهرة ابن حزم: ٥٠ - ٥١ في أنساب الحموديين.
(٢) في بعض الأصول: فمنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>