للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعدت أمنحه العتبى ليشفق لي ... فقال لي إن سمعي عنك في شغل

فالعتب عندي كالعتبى فلست أرى ... أصغي لمدحك إذ لم أصغ للعذل

فقلت للنفس كفي عن معاتبةٍ ... لا تنقضي وجوابٍ صيغ من وجل

من يتعلق في الدنا بابن الخطيب فقد ... سما عن الذل واستولى على الجذل

قالت فمن لي بتقريبي لخدمته ... فقد أجاب قريباً من جوابك لي

فقال للناس كفوا عن محادثتي ... فليس ينفعكم حولي ولا حيلي

قد أشتغلت عن الدنيا بآخرتي ... وكان ما كان من أيامي الأول

وقد رعيت وما أهملت من منح ... فكيف يختلط المرعي بالهمل

ولست أرجع للدنيا وزخرفها ... من بعد شيب غدا في الرأس مشتعل

ألست تبصر أطماري وبعدي عن ... نيل الحظوظ وإغذاذي إلى أجلي

فقلت ذلك قولٌ صح مجمله ... لكن من شأنه التفصيل للجمل

ما أنت جالب أمرٍ نستعين به ... على المظالم في حال ومقتبل

ولا تحل حراماً أو تحرم ما ... أحل ربك في قولٍ ولاعمل

ولا تبع آجل الدنيا بعاجلها ... كما الولاة تبيع اليم بالوشل

وأين عنك الرشا إن ظلت تطلبها ... هذا لعمري أمرٌ غير منفعل

هل أنت تطلب إلا أن تعود إلى ... كتب المقال الرفيع القدر في الدول

فما لأوحد هذا الكون قاطبةً ... وأسمح الخلق من حافٍ ومنتعل

لم يلتفت نحوما تبغيه من وطرٍ ... ولم يسد الذي قد بان من خلل

إن لم تقع نظرةٌ منه عليك فما ... يصفو لديك الذي أملت من أمل

فدونك السيد الأعلى فمطلبكم ... قد نيط منه بفضلٍ غير منفصل

قد خبرت بني الدنيا بأجمعهم ... من عالمٍ وحكيم عارفٍ وولي

فما رأيت له في الناس من شبهٍ ... قل النظير له عندي فلا تسل

وقد قصدتك يا أسمى الورى همماً ... وليس لي عن حمى علياك من حول

فما سواك لما أملت من أملٍ ... وليس لي عنك من زيغ ولا ميل

<<  <  ج: ص:  >  >>