للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتعظيم حقيقاً، وبالإكبار خليقاً، وبالإجلال حرياً. فهوشهير لم يزل في الشهرة سابقاً، هاد لم يزل بالهدى ناطقاً، بليغ لم يزل بالبلاغة درياً، عظيم لم يزل في النفوس معظماً، علم لم يزل في الأعلام مقدماً، كريم لم يزل في الكرام سنياً. اشتملت منه محافل الملك على العقد الثمين، وحلت به المشورة في الكنف المحوط والحرم الأمين، فكان في مشكاة الأمور هادياً، وفي ميدان المراشد جرياً. فإلى مقاماته تبلغ مقامات الإخلاص، وإلى مرتبته تنتهي مراتب الاختصاص، فيمن حاز خصلاً، وزين حفلاً، وشرف ندياً. واستكمل همماً، واستحمل قلماً، واستخدم مشرفياً. فلله ما أعلى قدر هذا الشرف، الجامع بين المتلد والمطرف (١) ، السابق في الفضل أمداً قصياً. الحال من الاصطفاء مظهراً، الفارع من العلاء منبراً، الصاعد من العز كرسياً. حاز الفضل إرثاً وتعصيباً، واستوفى الكمال حقاً ونصيباً، ثناء أرجه كالروض لولم يكن الروض ذابلاً وهدياً. نوره كالبدر لولم يكن البدر آفلاً، ومجد علوه كالسها لولم يكن السها خفياً. فما أشرف الملك الذي اصطفاه، وكمل له حق التقريب ووفاه، وأحله قرارة التمكين، ومن اختصاصه بالمكان المكين، فسبق في ميدان التفويض وشأى (٢) ، ورأى من الأنظار الحميدة ما رأى، صاعداً بالحق إماماً علماً، موضحاً من الدين نهجاً أمماً، هادياً من الواجب صراطاً سوياً. بانياً لمجد صرحاً مشيداً، مشهراً للعدل قولاً مؤيداً، مبرماً للخير سبباً قوياً. فالله تعالى يصل لمقام هذا الملك الذي طلع في سمائه بدراً دونه البدور، وصدراً تلوذ به الصدور، سعداً لا تمطله الأيام في تقاضيه، ونصراً يمضي به نصل الجهاد فلا يزال ماضيه، على الفتح مبنياً. ويوالي له عزاً يذود عن حرم الدين ويمنحه تأييداً (٣) يصبح في أعناق الكفر حديث سيفه قطعياً.


(١) ق: والطارف.
(٢) الأزهار: وسما؛ ق: وشاء.
(٣) هكذا في الأزهار؛ وفي ص: وخيفة وتأييداً، واللفظتان على الرفع في ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>