للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر به مرسوماً عزيزاً لا تبلغ المرسومات إلى مداه، ولا يبدي بآثار الاختصاص مثل ما أبداه عبد الله أمير المسلمين محمد الغالب بالله أيد الله تعالى مقامه، ونصر أعلامه، وشكر إنعامه، ويسر مرامه، لإمام الأئمة وعلم الأعلام، وعماد ذوي العقول والأحلام، وبركة حملة السيوف والأقلام، وقدوة رجال الدين وعلماء الإسلام، الشيخ الفقيه أبي يحيى ابن كبير العلماء، شهير العظماء، حجة الأكابر والأعيان، مصباح البلاغة والبيان، قاضي القضاة وإمامهم، أوحد الجلة وطود شمامهم، الشيخ الفقيه أبي بكر ابن عاصم أبقاه الله تعالى، ومناطق الشكر به فصيحة اللسا، ومواهب الملك به معهودة الإحسان، وقلائد الأيادي منه متقلدة بجيد كل إنسان، فقد تقرر والمفاخر لا تنسب إلا لبنيها، والفضائل لا تعتبر إلا بمن يشيد أركانها ويبنيها، والكمال لا يصفي شربه، إلا لمن يؤمن سربه، أن هذا العلم الكبير، الذي لا يفي بوصفه التعبير، لم بآثاره يقتدى، وبأنظاره يهتدي، وبإشارته يستشهد، وبإدارته يسترشد، إذ لا أمد علو (١) إلا وقد تخطاه، ولا مركب فضل إلا وقد تمطاه، ولا شراقة هدى إلا وقد جلاها، ولا لبة فخر إلا وقد حلاها، والنعمة إلا وقد أسداها، ولا حرمة إلا وقد أبداها، لما له في دار الملك من الخصوصية العظمى، والمانة التي تسوغ النعمى، والرتب التي تسموالعيون إلى مرتقاها، وتستقبها النفوس بالتعظيم وتتلقاها، حيث سر الملك مكتوم، وقرطاسه مختوم، وأمره محتوم، والأقلام قد روضت الطروس وهي ذاوية، وقسمت الأرزاق وهي طاوية، شقت ألسنتها فنطقت، وقطت (٢) أرجلها فسبقت، ويبست أثمرت إنعاماً، ونكست فأظهرت قواماً، وخطت فأعطت، وكتبت فوهبت، ومشقت فرفقت، وأبرمت فأنعمت، فكم يسرت الجبر،


(١) ص: على (علا) .
(٢) ق: وقطعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>