للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعفرت الهزبر، وشنفت المسامع، وكيفت المطامع، وأقلت فيما ارتفع من المواضع، وأحلت لما امتنع من المراضع، فهي تنجز النعم، وتحجز النقم، وتبث المذاهب، وتحث المواهب، وتروض المراد، وتنهض المراد، وتحرس الأكناف، وتغرس الأشراف، مصيخة لنداء هذا العماد الأعلى، طامحة لمكانه الذي سما واستعلى، فيما يلي عليها من البيان الذي يقر له بالتفضيل، الملك الضليل، ويشهد له بالإحسان، لسان حسان، يحكم له ببري القوس (١) ، حبيب بن أوس، ويهيم بما من الأساليب عنده، شاعر كندة، ويستمطر سحبه الثرة، فصيح المعرة، إلى منثور تزيل الفقر فقره، وتدر الرزق درره، لوأنهي إلى قس إباد لشكر في الصنيعة أياديه، واستمطر سحبه وغواديه، أوبلغ إلى سحبان لسحره، وما فارقه عشية ولا سحره، ولورآه الصابي لأبدى إليه من صبوته ما أبدى، أوسمعه ابن عباد لكان له عبداً، أبوبلغ بديع الزمان لهجر بدائعه، واستنزر بضائعه، أوأتحف به البستي لا تخذه بستاناً، أوعرض على عبد الحميد لأحمد من صوبه هتاناً، فأعظم به ومن عال لا ترقى ثنيته، ولا تحاز مزيته، ولا يرجم أفقه، ولا يكتم حقه، ولا ينام له عن اكتساب الحمد ناظر، ولا ينقاس به في الفضل مناظر، وهل تقاس الأجادل بالبغاث، أوالحقائق بالأضغاث

ألا وإن بيته هوالبيت الذي طلع في افقه كل كوكب وقاد، ممن وشج به للعلوم اتقاء واتقاد، وترامى به للمدارك ذكاء وانتقاد، فاعظم بهم أعلاماً وصدوراً، وأهلة وبدوراً، خلدت ذكرهم الدواوين المسطرة، وسرت في محامدهم الأنفاس المعطرة، إلى أن نشأ في سمائهم هذا الأوحد، الذي شهرة فضله لا تجحد، فكان قمرهم الأزهر، ونيرهم الأظهر، ووسيطة عقدهم الأنفس، ونتيجة مجدهم الأقعس، فأبعد في المناقب آماده، ورفع الفخر وأقام عماده، وبنى على تلك الأساس المشيدة، وجرى لإدراك تلك الغايات البعيدة،


(١) ق: ببرء النفوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>