للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسبق وجلى، وشنف بذكره المسامع وحلى، ورفع المشكل ببيانه، وحرر الملتبس ببرهانه، إلى أن أحله قضاء الجماعة ذروة أفقه الأصعد (١) ، وبوأه عزيز ذلك المقعد، فشرف الخطة، وأخذ على الأيدي المشتطة، لا يراقب إلا ربه، ولا يضمر إلا العدل وحبه، والمجلس السلطاني أسماه الله تعالى يختصه بنفسه، ويفرغ عليه من حلل الاصطفاء ولبسه، ويستمطر فزائده، ويجرب بأنظاره حقوق الملك وعوائده، فكان بين يديه حكماً مقسطاً، ومقسماً لحظوظ الإنعام مقسطاً، إلى أن خصه بالكتابة المولوية، ورأى له ذلك حق الأولوية، إذ كان والده المقدس نعم الله تعالى ثراه، ومنحه السعادة في أخراه، مشرف ذلك الديوان، ومعلي ذلك الإيوان، يحبر رقاع الملك فتروق، وتلوح كالشمس عند الشروق، فحل ابنه هذا (٢) الكبير شرفاً، الشهير سلفاً، مرتبته التي سمت، وافترت به عن السعد وابتسمت، فسحبت به لشرف مطارف، وأحرزت به من الفخر التالد والطارف، فهواليوم في وجهها غرة، وفي عينها قرة، ولله هوفي ملاحظة الحقائق ورعيها، وسمع الحجج ووعيها، فلقد فضل بذلك أهل الاختصاص، وسبقهم في تبيين ما يشكل منها وما يعتاص، إذ المشكلة معه جلية الأغراض، والآراء لديه آمنة من مأخذ الاعتراض، فكم رتبة عمرها بذويها، فأكسبها تشريفاً وتنويهاً، وعلى ذلك فأعلام قضاة الوطن، ومن عبر منهم وقطن، مع أقدارهم السامية، ومعاليهم التي هي للزهر مسامية، إنما رقتهم وساطته التي أحسنت، وزينت بهم المجالس وحسنت، فيه (٣) أمضوا أحكامهم، وأعلموا في الأباطيل احتكامهم، وكتبوا الرسوم، وكتبوا الخصوم، وحلوا دست القضاء، وسلوا سيف المضاء، وفي زمانه تخرجوا،


(١) ق: الأسعد.
(٢) ص: ذلك.
(٣) كذا في ص ق؛ وفي الأزهار: فبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>