بعد أن أسبر غوره، وأخبر طوره، وأرصد دوره، فإن كان له في التشريق أمل، وفي ركب الحجاز ناقة وجمل، والرأي فيه قد نجحت منه نية وعمل، فقد غني عن عرف البقرات، بأزكى الثمرات، وأطفأ هذه الجمرات، برمي الجمرات، وتأنس بوصل السرى ووصال السراة، وأنا به إن رضيتني أرضى مرافق، ولواء عزي به خافق، وإن كان على السكون بناؤه، وانصرف إلى الإقامة اعتناؤه، فأمر له ما بعده، والله يحفظ من الغير سعده، والحق أن تحذف الأبهة وتختصر، ويحفظ اللسان ويغض البصر، وينخرط في الغمار، ويخلي عن المضمار، ويجعل من المحظور مداخلة من لا خلاق له، ممن لا يقبل الله تعالى قوله ولا عمله، فلا يكتم سراً، ولا يتطوق من الرجولة زراً، ويرفض زمام السلامة (١) ، وترك العلامة على النجاة علامة، وأما حالي فكما علمتم ملازم كن، ومهبط تجربة وسن، أزجي الأيام، وأروم بعد التفرق الالتئام، خالي اليد، مليء القلب والخلد، بفضل الواحد الصمد، عامل على الرحلة الحجازية التي أختارها لكم ولنفسي، واصل في التماس الإعانة عليها يومي بأمسي، أوجب ما قررته لكم ما أنتم أعلم به من ود قررته الأيام والشهور، والخلوص المشهور، وما أطلت في شيء عند قدومي على هذا الباب الكريم إطالتي فيما يختص بكم من موالاته، وبذل مجهود القول والعمل في مرضاته، وأما ذكركم في هذه الأوضاع فهومما يقر عين المجادة، والوظيفة التي ينافس فيها أولوالسادة، والله يصل بقاءكم، وييسر لقاءكم، والسلام " انتهى.
٧ - ومن نثر لسان الدين ما أثبته في الإحاطة في ترجمة ابن خلدون صاحب التاريخ الذي تكرر نقلنا منه في هذا التأليف:
ولنذكر الترجمة بجملتها فنقول: قال رحمه الله تعالى في " الإحاطة " ما نصه: " عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن