إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي، من ذرية عثمان أخي كريب المذكور في نبهاء ثوار الأندلس، وينسب سلفهم إلى وائل بن حجر، وحاله عند القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفة، انتقل سلفه من مدينة إشبيلية عن نباهة وتعين وشهرة عند الحادثة بها أوقبل ذلك، فاستقر بتونس منهم ثاني المحمدين محمد بن الحسن، وتناسلوا على حشمة وسراوة ورسوم حسنة، وتصرف جد المترجم به في القيادة. وأما المترجم به فهورجل فاضل، حسن الخلق، جم الفضائل، باهر الخصل، رفيع القدر، ظاهر الحياء، أصيل المجد، وقور المجلس، خاصي الزي، عالي الهمة، عزوف عن الضيم، صعب المقادة، قوي الجأش، طامح لقنن الرياسة، خاطب للحظ، متقدم في فنون عقلية ونقلية، متعدد المزايا، سديد البحث، كثير الحفظ، صحيح التصور، بارع الخط، مغري بالتجلة، جواد حسن العشرة، مبذول المشاركة، مقيم لرسم التعيين، عاكف على رعي خلال الأصالة، مفخر من مفاخر التخوم المغربية. قرأ القرآن ببلده على المكتب ابن برال، والعربية على المقرئ الزواوي وغيره، وتأدب بأبيه، وأخذ عن المحدث أبي عبد الله ابن جابر الوادي آشي، وحضر مجلس القاضي أبي عبد الله ابن عبد السلام، وروى عن الحافظ أبي عبد الله السطي، والرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي، ولازم العالم الشهير أبا عبد الله الآبلي وانتفع به، انصرف من إفريقية منشئه بعد أ، تعلق بالخدمة السلطانية على الحداثة، وإقامته لرسم العلامة بحكم الاستنابة، عام ثلاثة وخمسين وسبعمائة، وعرف فضله، وخطبه السلطان منفق سوق العلم والأدب أبوعنان فارس بن علي بن عثمان، واستحضره (١) بمجلس المذاكرة فعرف حقه وأوجب فضله، واستعمله على الكتابة أوائل عام ستة وخمسين، ثم عظم عليه حمل الخاصة من طلبة الحضرة لبعده عن حسن التأتي، وشفوفه بثقوب الفهم وجودة الإدراك، فأغروا به