للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارفة، واللطيفة المطيفة، بين رجع الشباب يقطر ماء ويرف نماء، ويغاز عيون الكواكب فضلاً عن الكواعب إشارة وإيماء، بحيث لا الوخط يلم بسياج لكته، أويقدح ذبالة في ظلمته، أويقوم حواريه في ملته، من الأحابش وامته، وزمانه روح وراح، ومغدى في النعيم ومراح، وقصف صراح، ورقى وجراح، وانتحاب واقتراح، وصدور ما بها إلا انشراح، ومسرات تردفها أفراح، وبين قدومك خليع الرسن، ممتعاً والحمد لله باليقظة والوسن، محكماً في نسك الجنيد أوفتك الحسن، ممتعاً بظرف المعارف، مالئاً أكف الصيارف، ماحياً بأنوار البراهين شبه الزخارف، لما اخترت الشباب وإن راقني (١) زمنه، وأعياني ثمنه، وأجرت سحائب دمعي دمنه، فالحمد لله الذي رقى جنون اغترابي، وملكني أزمة آرابي، وغبطني بمائي وترابي، ومألف أترابي، وقد أغصني بلذيذ شرابي، ووقع على سطوره المعتبرة إضرابي، وعجلت هذه مغبطة بمناخ المطية، ومنتهى الطية، وملتقى السعود غير البطية، وتهني الآمال الوثيرة الوطية، فما شئت من نفوس عاطشة إلى ربك، متجملة بزيك، عاقلة خطى مهريك، ومولى مكارمه نشيدة أمثالك، ومظان مثالك، وسيصدق الخبر ما هنالك، ويسع فضل مجدك في التخلف عن الإصحار (٢) ، لا بل اللقاء من وراء البحار، والسلام.

٩ - ولما استقر بالحضرة جرت بيني وبينه مكاتبات أقطعها الظرف جانبه، وأوضح الأدب مذاهبه، فمن ذلك ما خاطبته به وقد تسري جارية رومية اسمها هند صبيحة الابتناء بها:

أوصيك بالشيخ أبي بكره ... لا تأمنن في حالة مكره

واجتنب الشك إذا جئته ... جنبك الرحمن ما تكره


(١) ق والتعريف: شاقني.
(٢) الإصحار: الخروج لتلقيه خارج البلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>