للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيدي لا زلت تتصف بالوالج، بين الخلاخل والدمالج، وتركض فوقها ركض الهمالج، أخبرني كيف كانت الحال، وهل حطت بالقاع من خير البقاع الرحال، واحكم بمرود المراودة الاكتحال، وارتفع بالسقيا الإمحال، وصح الانتحال، وحصحص الحق وذهب المحال، وقد طولعت بكل بشرى وبشر، وزفت هند منك إلى بشر، فلله من عشية، تمتعت من الربيع بفرش موشية، وأبدلت منها أي آساد حشية، وقد أقبل ظبي الكناس، من الديماس، ومطوق الحمام، من الحمام، وقد حسنت الوجه الجميل التطرية، وأزيلت عن الفرع الأثيث الأبرية، وصقلت الخدود فكأنها الأمرية (١) ، وسلط الدلك على الجلود، وأغريت النورة بالشعر المولود، وعادت الأعضاء يزلق عنها اللمس، ولا تنالها البنان (٢) الخمس، والسحنة يجول في صفحتها الفضية ماء النعيم، والمسواك يلبي من ثنية التنعيم، والقلب يرمي من الكف الرقيم (٣) بالمقعد المقيم، وينظر إلى نجوم الوشوم فيقول: إني سقيم، وقد تفتح ورد الخفر، وحكم لزنجي الضفيرة بالظفر، واتصف أمير الحسن بالصدود المغتفر، ورش بماء الطيب، ثم أعلق بباله دخان العود الرطيب، وأقبلت الغادة، يهديها اليمن وتزفها السعادة، فهي تمشي على استحيا، وقد ذاع طيب الريا وراق حسن المحيا، حتى إذا نزع الخف، وقبلت الأكف، وصخب المزمار وتجاوب الدف، وذاع الأرج، وارتفع الحرج، وتجوز اللوى والمنعرج، ونزل على بشر بزيارة هند الفرج، اهتزت الأرض وربت، وعوصيت الطباع البشرية فأبت، ولله در القائل (٤) :

ومرت فقالت: متى نلتقي ... فهش اشتياقاً إليها الخبيث

وكاد يمزق سرباله ... فقلت: إليك يساق الحديث


(١) لعل الأبرية جمع برى بمعنى التراب؛ والأمرية: المرايا جمع مرآة.
(٢) البنان: سقطت من ق.
(٣) الرقيم: المزين.
(٤) ينسب البيتان لبشار (فصل المقال: ٤٦) وفي الثاني منهما المثل " إليك يساق الحديث ".

<<  <  ج: ص:  >  >>