للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما انسدل جنح الظلام، وانتصفت من غريم العشاء الأخيرة فريضة السلام، وخاطب خيوط المنام عيون الأنام، تأتى دنوالجلسة، ومسارقة الخلسة، ثم عضة النهد، وقبلة الفم والخد، وإرسال اليد من النجد إلى الوهد، وكانت الإمالة القليلة قبل المد، ثم الإفاضة فيما يغبط ويرغب، ثم الإماطة لما يشوش ويشغب، ثم إعمال المسير، إلى السرير (١) :

وصرنا إلى الحسنى، ورق كلامنا ... ورضت فذلت صعبة أي إذلال وهذا بعد منازعة للأطواق يسيرة، يراها الغيد من حسن السيرة، ثم شرع في التكة، ونرع الشكة (٢) ، وتهيئة الأرض العزاز (٣) عمل السكة، ثم كان الوحي والاستعجال، وحمي الوطيس والمجال، وعلا الجزء الخفيف، وتضافرت الخصور الهيف، وتشاطر الطبع العفيف، وتواتر التقبيل، وكان الأخذ الوبيل، وامتاز الانوك من النبيل، ومنها جاشر وعلى الله قصد السبيل، فيا لها من نعم متداركة، ونفوس في سبيل القحة متهالكة، ونفس يقطع حروف الحلق، وسبحان الذي يزيد في الخلق، وعظمت الممانعة، وكثرت باليد المصانعة، وطال التراوغ والتزاور، وشكي التحاور، وهناكل تختلف الأحوال، وتعظم الأهوال، وتخسر أوتربح الأموال، فمن عصاً تنقلب ثعباناً مبيناً، ونونة (٤) تصير تنيناً، وبطل لم يهمله المعترك الهائل، والوهم الزائل، ولا حال بينه وبين قرنه الحائل، فتعدى فتكة السليك إلى فتكة البراض، وتقلد مذهب الأزارقة من الخوارج في الاعتراض (٥) ، ثم شق الصف، وقد خضبت الكف، بعد أن كان يصيب البوسى


(١) البيت لأمرئ القيس، ديوانه: ٣٢.
(٢) ونزع الشكة: سقطت من ق.
(٣) العزاز: الصلبة.
(٤) النونة: السمكة؛ وفي العبارات كنايات تنطوي على الغمز والسخرية.
(٥) الاعتراض: عدم المبالاة بالقتل في حال الخروج أو الإقدام على القتل الجماعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>