للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الملعون فهوالمغالط المعاند المشارك لربه المنعم عليه في كبريائه وسلطانه، وأما القط فهوالفقير مثلي المستغني عنه لكونه لا تختص به رتبة، فتارة في حجر الملك، وتارة في السنداس (١) ، وتارة في أعلى الرتب، وتارة محسن، وتارة مسيء، تغفر سيئاته الكثيرة بأدنى حسنة، إذ هومن الطواقين، متطير بقتله وإهانته، تياه في بعض الأحايين بعزة يجدها من حرمة أبقاها له الشارع، وكل ذلك لا يخفى. وأما الفراش المحرق فهوعند الدول نوعان: تارة يكون ظاهراً وحصته مسح المصباح وتصفية زيته وإصلاح فتيله وستر دخانه ومسايسة ما يكون من المطلوب منه، ووجود هذا شديد الملازمة ظاهراً، وأما المحرق الباطن فهوالمشار إليه في دولته بالصلاح والزهد والورع فيعظمه الخلق ويترك لما هوبسبيله، فيكون وسيلة بينهم وبين ربهم وخليفته الذي هومصباحهم، فإذا أراد الله تعالى إهلاك المروءة وإطفاء مصباحها تولى ذلك أهل البطالة والجهالة، وكان الأمر كما رأيتم، والكل فراش متهافت، وكل يعمل على شاكلته ".

١١ - قال الوزير لسان الدين: وطلب مني الكتب عليه بمثل ذلك، فكتبت ببعض أوراقه إثارة لضجره، واستدعاء لفكاهة انزعاجه، ما نصه:

وقفت ن الكتاب المنسوب لصاحبنا أبي زكريا البرغواطي على برسام محموم، واختلاط مذموم، وانتساب زنج في روم، وكان حقه أن يتهيب طريقاً لم يسلكها، ويتجنب عقيلة لم يملكها، إذ المذكور لم يتلق شيئاً من علم الأصول، ولا نظر في الإعراب في فصل من الفصول، إنما هي قحة وخلاف، وتهاون بالمعارف واستخفاف، وغير أنه يحفظ في طريق القوم كل نادرة، وفيه رجولية ظاهرة، وعنده طلاقة لسان، وكفاية قلما تتأتى لإنسان، فإلى الله تضرع أن يعرفنا مقادير الأشياء، ويجعلنا بمعزل عن الأغبياء، وقد قلت مرتجلاً من أول نظرة، واجتزاء بقليل من كثرة:


(١) السنداس: بيت الراحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>