بيان أعجب من ذلك البيان، ولا يوم كذلك اليوم تبدّى نظره للعيان، أو تأدى خبره في أخبار الزمان، نثرت فيه الخلع العباسيّة في أعلى الصور، وبرز منها للعيون ما يعثر البليغ عند وصفه في ذيل الحصر، ويهدي سواده سواد القلب والبصر، فيا لمشهدها ما أعجب ما كان، ومرآها الذي راع الكفر وراق الإيمان، وأشبه يومه بالأندلس يوم خرجت الرّايات السود من خراسان، وكفى بهذا فخاراً لا يحتاج ثابته مثبتاً، أن باشرت برداً باشر البدن الذي طاب حيّاً وميتاً، فهو علو في الإسناد ولا نظير له في العوالي، وفخار ضلّت عن مثله العصور الخوالي، وجلّت بهجته أن تخلق جدّتها الأيّام والليالي، ودل الكتاب العزيز على التسمية المشتقة من الجهاد، والسمة من سيف أمير المؤمنين بما لا يدخل في جنس ذوات الأغماد، وخير الأوصاف ما صدقه الموصوف، وللكريم النسب نسبةٌ يباهي (١) بها الدين وتزهى السيوف:
فإن نحن سمّيناك خلنا سيوفنا ... من التيه في أغمادها تتبسّم وممّا أفاده الكتاب المبهج بطيب أنبائه، نص علامة سيدنا صلوات الله عليه وعلى آبائه، فإنّها تضمّنت صفة لله، عزّ وجلّ، من صفات الكمال، ودلّت على مذهب أهل السنّة في خلق الله، عزّ وجلّ، الأعمال، وأشعرتنا معشر العبيد بعناية سبقت بالمقام المجاهديّ المتوكلي - أحسن الله تعالى إليه - حين تولّى خلافة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فإنّه لمّا شايعه بعزيمة مساعدة، ونيّة في مشارع الصفاء والإخلاص واردة، ألهم زيادة في العلامة شاركت الإمامة في صفة واحدة، فهذه كرامة في العلامة، هي علامة الكرامة، وهبةٌ من مواهب الكشف يجدها من امتثل قوله " فاستقم كما أمرت " فكان من أهل الاستقامة، وتضمن الكتاب الكريم بيعة أهل جيّان وما معها، وإن هذه البشائر وما تبعها، لفروع عن هذا الأصل الصحيح، وأقيسة عن هذا النص الصريح، فأدلّة