للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة قد استقلت، وشبهة الخلاف قد بطلت واضمحلت، والحمد لله على أن منح جزيل النعماء، وشرح باليقين صدور الأولياء، وشرّف هذه الأمّة بإمامة نجل الأئمة الخلفاء، وابن عمّ سيد الرسل وخاتم الأنبياء، والعبيد يهنئون بهذه النّعم، التي لا يستقلّ بذكرها قلم، ولا يقطع علم من وصفها إلا بدا علم، وبهم من الأشواق إلى مشاهدة المعالم السنيّة، ولثم اليمين الطاهرة العليّة، ما أكده دنو الدار، وجدّده ما تجدّد للمقام العالي المتوكل من نعم الله تعالى الجليلة المقدار، والشاهدة له بإسعاد الأيّام وإسعاف الأقدار، فلو أمكنهم الإقدام لأقدموا، ولو وجدوا رخصة في المسير لعزموا، وهم يستلمون البساط الأشرفي توهّماً ومن أملهم أنهم في الحقيقة قد استلموا، انتهى.

وبه تعلم أن الدولة العباسية خطب لها ببلاد الأندلس - أعادها الله للإسلام - ولا يخفاك أن ما جلبناه من ذلك وغيره مناسب للمقام، فلا انتقاد ولا ملام.

[رسالة للسان الدين إلى أحمد بن قلاوون]

وقد رأيت أن أذكر هنا مخاطبة صدرت من الغني بالله صاحب الأندلس إلى السلطان المنصور أحمد ابن السلطان الناصر محمد بن قلاوون من إنشاء الوزير الكبير لسان الدين بن الخطيب رحمه الله، لما اشتملت عليه من أحوال الأندلس، ونصّها: الأبواب التي تفتح لنصرها أبواب السماء، وتستدرّ من آفاقها سحاب النعماء، وتجلى بأنوار سعدها دياجي الظلماء، وتعرّف نكرة البلاد والعباد بالانتساب إلى محبتها والانتماء، على اختلاف العروض وتباين الحدود وتعدّد الأسماء، ويجتزأ من صلات صلاتها عند الموانع من كمال حالات صفاتها بالإيماء، وتحمل لها التحيّة ذوات الدّسر والألواح طاعنة نحر الصباح على كتد الماء، أبواب السلطان الكبير، الجليل الشهير، الطاهر الظاهر، الأوحد الأسعد، الأصعد الأمجد، الأعلى العادل، العلم الفاضل الكامل، سلطان الإسلام والمسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>