للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشعره ليس بحائد عن الإحسان، ولا غفل عن النكت الحسان؛ انتهى.

٥٣ - وقال في الإكليل في ترجمة أبي عبد الله محمد بن عمر بن علي ابن إبراهيم المليكشي (١) ما صورته: كاتب الخلافة، ومشعشع الأدب الذي يزري بالسلافة، كان بطل مجال، ورب روية وارتجال، قدم على هذه البالد وقد نبا به وطنه، وضاق ببعض الحوادث عطنه، فتلوم تلوم النسيم بين الخمائل، وحل منها محل الطيف من الوشاح الجائل، ولبث مدة إقامته تحت جراية واسعة، وميرة (٢) يانعة، ثم آثر قطره، فولى وجهه شطره، واستقبله دهره بالإنابة، وقلده خطة الكتابة، فاستقامت حاله، وحطت رحاله، وله شعر أنيق، وتصوف وتحقيق، ورحلة إلى الحجاز سعيها في الخير وثيق، ونسبها في الصالحات عريق، ومن شعره قوله:

رضىً نلت ما ترضين من كل ما يهوى ... فلا توقفيني موقف الذل والشكوى

وصفحاً عن الجاني المسيء لنفسه ... كفاه الذي يلقاه من شدة البلوى

بما بيننا من خلوة معنوية ... أرق من النجوى وأحلى نم السلوى

قفي أتشكى لوعة البين ساعة ... ولا يك هذا آخر العهد بالنجوى

قفي ساعة في عرصة الدار وانظري ... إلى عاشق ما يستفيق من البلوى

وكم قد سألت الريح شوقاً إليكم ... فما حن مسراها علي ولا ألوى

فيا ريح حتى أنت ممن يغار بي ... ويا نجد حتى أنت تهوى الذي أهوى

خلقت ولي قلب جليد على النوى ... ولكن على فقد الأحبة لا يقوى وحدث بعض من عني بأخباره، أيام مقامه بمالقة واستقراره، انه لقي بباب الملعب من أبوابها من ظبيات الإنس، وقينة من قينات هذا الجنس، فخطب وصالها، واتقى بفؤاده نصالها، حتى همت بالانقياد، وانعطفت الغصن


(١) ترجمته في نيل الابتهاج: ٢٣٧ ورحلة البلوي (الورقة: ٢٢) والدرر ٤: ٢٢٦ (ط. القاهرة) .
(٢) ق: ومبرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>