المياد، فأبقى على نفسه وأمسك، وأنف من خلع العذار بعدما تنسك، وقال:
لم أنس وقفتنا بباب الملعب ... بين الرجا واليأس من متجنب
وعدت فكنت مراقباً لحديثها ... يا ذل وقفة خائف مترقب
وتدللت فذللت بعد تعزز ... يأتي الغرام ك أمر معجب
بدوية أبدى الجمال بوجهها ... ما شئت من خد شريق مذهب
تدنو وتبعد نفرة وتجنياً ... فتكاد تحسبها مهاة الربرب
ورنت بلحظ فاتن لك فاتر ... أنضى وأمضى من حسام المضرب
وأرتك بابل سحرها بجفونها ... فست، وحق لمثلها أن تستبي
وتضاحكت فحكت بنير ثغرها ... لمعان نور ضياء برق خلب
بمنظم في عقد سمطي جوهر ... عن شبه نور الأقحوان الأشنب
وتمايلت كالغصن أخضله الندى ... ريان من ماء الشبيبة مخصب
تثنيه أرواح الصبابة والصبا ... فتراه بين مشرق ومغرب
أبت الروادف أن تميل بميله ... فرست وجال كأنه في لولب
متتوجاً بهلال وجه لاح في ... خلل السحاب لحاجب ومحجب
يا من رأى فيها محباً مغرماً ... لم ينقلب إلا بقلب قلب
ما زال مذ ولى يحاول حيلة ... تدنيه من نيل المنى والمطلب
فأجال نار الفكر حتى أوقدت ... في القلب نار تشوق وتلهب
فتلاقت الأرواح قبل جسومها ... وكذا البسيط يكون قبل مركب وقال:
أرى لك يا قلبي بقلبي محبة ... بعثت بها سري إليك رسولا
فقابله بالبشرى، وأقبل عشية ... فقد هب مسكي النسيم عليلا
ولا تعتذر بالقطر أوبلل الندى ... فأحسن ما يأتي النسيم بليلا