للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أطراف قصب الرماح محالّ الورق، وأبصرتم القنا الخطّار قد عاد أخلّة، والسيوف قد صارت فوق بدور الخوذ أهلّة، وعقود الشهادة عند قاضي السعادة مستقلة، وكان كما تحصره علومكم الشريفة حدق سور الفتح، وآخر دلاء ذلك المتح (١) ، عرض على الفاروق فاحتاط، وأغرى به من بعده فاشتاط، وسرحت خيل ابن أبي سرح، في خبر يدعو إلى شرح، حتى إذا ولد مروان تقلدوا كرتها التي هوت، وخضموا (٢) ما أنضجت ورثة الحق وشوت، ويدهم على الأمر احتوت، وفازت منه بما نوت، نفل ولائده الوليد، وجلب له الطريف والتليد، وطرقت خيل طارق، وضاقت عن أخباره المهارق، وجلّت الفائدة، وظهر على الذخيرة التي منها المائدة، ثم استرسل المهبّ، ونصر الربّ، ويكثر الطير حين ينتثر الحبّ (٣) ، وصرفت أشراف الشام أعنّتها إلى التماس خيره، وطارت بأجنحة العزائم تيمّناً بطيره، وقصدته الطلائع صحبة بلج بن بشر وغيره، ففتحت الأقفال، ونفلت الأنفال، ونجح الفال، ووسمت الأغفال، وافتتحت البلاد الشهيرة، وانتقيت العذارى الخيرة، واقتنيت الذخيرة، وتجاوز الإسلام الدروب وتخطّى، وخضد الأرطى، وأركب وأمطى، واستوثق واستوطا، وتثاءب وتمطّى، حتى تعدّدت مراحل البريد، وسخنت عين الشيطان المريد، واستوسق للإسلام ملكٌ ضخم السّرداق، مرهوب البوارق، رفيع العمد، بعيد الأمد، تشهد بذلك الآثار والأخبار، والوقائع الكبر، والأوراق والأسطار (٤) ، وهل يخفى النهار؟ ولكل هبوب ركود، والدهر حسود لمن يسود، فراجعت الفرنج كرّتها، واستدركت معرّتها، فدوّمت جوارحها وحلقت، وأومضت بوارقها وتألقت، وتشبثت وتعلقت، وأرسلت


(١) ك: وآخر ولاء ذلك المنح.
(٢) الخضم: التناول بجميع الفم، أما القضم فهو بمقدم الفم.
(٣) من قول بشار:
يسقط الطير حيث ينتثر الح ... ب وتغشي منازل الكرماء (٤) ك: والأوداق والأمطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>