للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعرفة عين إن لم تبصر أجزاءها، أحسن الله عزاءها، وحقيقة إن لم يجعل الفراق إزاءها، كانت الغيرة (١) جزاءها، فهي دائرة مركزها يجمع؛ ومحيطها في التفريق يطمع، يستقل الملك أجمع، ويرى من يرى ويسمع من يسمع:

بعد المحيط من المحدد واحد ... والكل في حق الوجود سواء

والحق يعرف ذاته من ذاته ... صح الهوى فتلاشت الأهواء المعرفة صعود ونزول، ووقوف ووصول، فلا الوصول عن البداية يقطع، ولا البداية عن النهاية تمنع:

نم له الأمر أجمع ... كل ما شاء يصنع

حصل القصد واستق ... ر فلم يبق مطمع العارف في البداية يشكر الراكع والساجد، ثم يعذر الواجد المتواجد، ثم يرجع المنكر الجاحد، فإذا انتهى ورد العدد إلى الواحد، قال لسان حاله:

من رأى لي نشيدة ... أو على عينها أثر

فله الحكم قل له ... ذهب العين والأثر إلى أن قال: قال الرئيس: العارف هش بش بسام، فيجل الصغير من تواضعه مثلما يجل الكبير، ويبسط من الخامل مثلما يبسط من النبيه، ثم علل فقال: وكيف لا يهش وهوفرحان بالحق، وبكل شيء فإنه يرى فيه الحق، إني لأجد ريح يوسف (٢) :

لمعت نارهم وقد عسعس اللي ... ل وضج الحادي وحار الدليل

فتأملتها وقلت لصحبي ... هذه النار نار ليلى فميلوا


(١) ق: العزة.
(٢) انظر مشارق أنوار القلوب: ٧٢ وهما من قصيدة للسهروردي.

<<  <  ج: ص:  >  >>