ألف في فنه أجمع منه، ولنوردها فإن فيها دلالة على فضله وعظم قدر الكتاب وهي: اللهم طيب بريحان ذكرك أنفاس أنفسنا الناشقة، وعلل بجريال حبك جوانح أرواحنا العاشقة، وسدد إلى أهداف معرفتك نبال نبلنا الراشقة، واستخدم في تدوين حمدك شبا أقلامنا الماشقة، ودل على حضرة قدسك خطرات خواطرنا الذائقة، وأبن لنا سبل السعادة التي جعلت فيها الكما الأخير لهذه الأنفس الناطقة، وأصرفنا عند سلوكها عن القواطع العائقة، حتى نأمن مخاوف أجبالها الشاهقة، وأحزابها المنافقة، وأوهامها الطارئة الطارقة، برازخها القاسية الغاسقة، فلا تسرق بضائعنا العوائد السارية السارقة، ولا تحجينا عنك العوارض الجسيمة اللاحقة، ولا الأنوار المغلظة البارقة، ولا العقول المفارقة، يا من له الحكمة البالغة والعناية السابقة، وصل على عبدك ورسولك محمد درة عقود أحبابك المتناسقة، وجالب بضائع توحيدك النافقة، المؤيد بالبراهين الساطعة والمعجزات الخارقة، ما أطلعت أفلاك الأدواح زهر أزهارها الرائقة، وحدت قطار السحائب حداة رعودها السائقة، وجمعت ريح الصبا بين قدود أغصانها المتعانقة.
أما بعد فإنه لما ورد على هذه البلاد الأندلسية المحروسة بحدود سيوف الله حدودها، الصادقة بنصر الله للفئة القليلة على الفئة الكثيرة وعودها - وصل الله تعالى عوائد صنعه الجميل لديها، وأبقاها دار إيمان إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها - " ديوان الصبابة (١) " وهوالموضوع الذي اشتمل من أبطال العشاق على الكثير، واستوعب من أقوالهم الحديثة والقديمة كل نظيم ونثير، وأسدى في غزل غزله وألحم، ودل على مصارع شهدائهم من وقف وترحم، فصدق الخبر المخبر، وطمت اللجة التي لا تعبر، وتأرج من مسراه المسك والعنبر، وقالت العشاق عند طلوع قمره: الله اكبر: