للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تشغل بحب ديار ليلى ... ولكن حب من سكن الديارا (١) وقال قبل هذه الخاتمة بعد كلام كثير ما نصه: وقد أتينا على ما شرطنا من تقرير ما أمكن من هذه الآراء، وهم ما بين سابق للخيرات ومقتصد وظالم لنفسه، ومع ذلك مخبون، وعلى آثار الحبيب مكبون، ما كل طريق توصل، ولا كل تجارة على الربح تحصل، ومن العشاق مهجور ومطرود، وموصل وموعود، ومغبوط ومحسود، ومحروم ومجدود، ومرحوم ومردود:

يا غايتي، ولكل شيء غاية، ... والحب فيه تأخر وتقدم

قل لي بأي وسيلة يحظى بما ... يرجوه غيري من رضاك وأحرم ورقة: ولكل دائرة مفروضة، وهالة حول قمر الحق معروضة، تعود الخطوط من محيطها المسدد، إلى مركزها المحدد: فالفيلسوف يروم التشبث بالعلة الأولى، ويعني بها ذات الحق، أوأن يتحد بالثانية، وهي مرآة وجه الحق؛ والإشراقي يروم التجوهر بنور الأنوار المعبر عنه بالحق، والاتصال به إما بواسطة من الحق أوبغير واسطة من الحق؛ والحكيم أن يؤديه فكره إلى الحق، ثم يفنى في الحق، ثم يبقى بالحق، والمتشرع أن يجن في جنة الحق، ويحصل على جوار الحق، وينظر إلى جوار الحق؛ وصاحب الوحدة المطلقة أن يكون المتفرق عين الحق، فسبحان الحق، المعبود بالحق، الموجد الجمع في الفرق، لا إله إلا هو. وزيد في هذا المحض الذي كثر في قربه الدعداع (٢) ، وطال على الرؤوس منه الصداع، ما تفرد له المقالة المختصرة، والعناية الميسرة، بحول من لا حول ولا قوة إلا به. انتهى.

وقال رحمه الله تعالى في عد ما عدد من فرق الاعتزال ما نصه:


(١) حور قول الشاعر:
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا (٢) الدعداع: العدو فيه بطء والتواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>