للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإقطاع الكمال، بين مقام المراد ومقام المريد، الذي جعله السبب الأوصل في نجاة الناجي، وسعادة السعيد، وخاطب الخلائق على لسانه الصادق بحجتي الوعد والوعيد، فكان مما أوحى به إليه، وأنزل الملك به عليه، من الذكر الحميد، ليأخذ بالحجز والأطواق من العذاب الشديد " ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ق:١٦.

إلى قوله حديد، صلى الله عليه وعلى آل صلاة تقوم ببعض حقه الأكيد، وتسري إلى تربته الزكية من ظهور المواجد الجائية على البريد (١) :

قعدت لتذكير ولوكنت منصفاً ... لذكرت نفسي فهي أحوج للذكرى

إذا لم يكن مني لنفسي واعظ ... فيا ليت شعري كيف أفعل في الأخرى آه! أي وعظ بعد وعظ الله تعالى يا أحبابنا يسمع وفي ماذا وقد تبين الرشد من الغي يطمع يا من يعطي ويمنع، إذا لم تقم الصنيعة فماذا نصنع اجمعنا بقلوبنا با من يفرق ويجمع، ولين حديدها بنار خشيتك فقد استعاذ نبيك صلى الله عليه وسلم من قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، اعلموا - رحمكم الله - أن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها من الأقوال والأحوال، ومن الجماد والحيوان، وما أملاه الملوان (٢) ، فغن الحق نور لا يضره أن يصدر من الخامل، ولا يقصر بمحموله احتقار الحامل، وأنتم تدرون أنكم في أطوار سفر لا تستقر لها دون الغاية رحلة، ولا تتأتى معها إقامة ولا مهلة، من الأصلاب إلى الأرحام، إلى الوجود، إلى القبور، إلى النشور، إلى إحدى داري البقاء، أفي الله شك فلو أبصرتم مسافراً في البرية يبني ويفرش، ويمهد ويعرش، ألم تكونوا تضحكون من جهله، وتعجبون من ركاكة عقله


(١) يريد مواجد المشتاقين إلى زيارة قبره عليه السلام.
(٢) الملوان: الليل والنهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>